الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

ما المقصود بتعويم العملة؟

ما المقصود بتعويم العملة؟

تعويم العملة

في عام 1971 قرر الرئيس الأمريكي وقتها ريتشارد نيكسون، إلغاء التحويل الدولي المباشر من الدولار الأمريكي إلى الذهب أو ما يعرف اقتصادياً بـ«قاعدة الذهب» ليكون القرار أول خطوة تنفيذية في إطار تعويم العملة الأمريكية.

ورغم أن نيكسون لم يلغ نظام بريتون وودز المالي الذي كانت تسير عليه الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بشكل كامل أو رسمي، إلا أن تعليق أحد أهم مكوناته الرئيسية كان مقدمة لجعل النظام المتعثر غير قابل للتنفيذ. وقتها قال نيكسون إن كل ما يفعله عبارة عن جهود لإصلاح النظام المتعثر، قبل أن يدرك الجميع أن جميع تلك الجهود باءت بالفشل.

وبحلول عام 1973 تم استبدال نظام بريتون وودز بحكم الأمر الواقع إلى نظام تعويم العملات الورقية الذي لا يزال العمل به قائماً حتى اليوم.

تعويم العملة وقاعدة الذهب

كانت المملكة المتحدة أول من تبنى قاعدة الذهب، بحلول عام 1821، ثم لحقت بها ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية على التوالي بداية من عام 1870.

ومع مطلع القرن الجديد في عام 1900 أصبحت الغالبية العظمى من دول العالم تتبع قاعدة الذهب، أي تربط عملتها المحلية بكمية من الذهب تساوي قيمة الأموال التي تصدرها، إلا الصين والمكسيك لأسباب مختلفة.

بعد الحرب العالمية الثانية بسطت أمريكا سيطرتها بشكل كبير على العالم، ورسمت الولايات المتحدة السياسات المالية لعدد كبير من دول العالم، في إطار سعيها لخدمة مصالحها السياسية والمالية والتجارية كذلك، قبل أن تقرر في السبعينيات التخلي عن قاعدة الذهب.

اقرأ أيضاً..

استقرار سعر الدولار اليوم في مصر رغم صعوده عالمياً

ما هو تعويم العملة؟

بعد أن أطلق نيكسون تصريحاته التي توصف في الأدبيات الاقتصادية بـ«صدمة نيكسون» تحول مصطلح تعويم العملة إلى أحد المصطلحات الرائجة التي نشرت عنها الصحافة وتحدث عنها الجميع، لكن ما هو التعويم؟

سعر الصرف العائم أو كما يطلق عليه تعويم العملة هو التخلي عن سعر صرف عملة ما من خلال معادلتها مع عملات أخرى ليصير محرراً تماماً، دون تدخل من الحكومة أو البنك المركزي في تحديده بشكل مباشر.

بحيث ينشأ سعر العملة بعد التعويم بشكل تلقائي وبناء على آلية العرض والطلب من خلال التعاملات في السوق، والذي يتم من خلاله تحديد سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية.

وتدخل أسعار صرف العملة بعد تعويمها في حالة متغيرة باستمرار دون إمكانية للثبات، خاصة على المدى المتوسط أو الطويل، لأن السعر أصبح محدداً بتغيرات العرض والطلب التي تتغير بشكل مستمر، خاصة فيما يتعلق بالعملات الأجنبية، لدرجة أنها أحياناً كثيرة تتغير عدة مرات في اليوم الواحد.

ويعني التعويم بمعناه البسيط، عدم تحديد سعر عملة دولة معينة وتركه يتحرك ويتغير أمام باقي العملات، وفقاً لنسبة العرض والطلب عليه والتي تحددها قوة العملة في التجارة العالمية. بحيث يؤدي ازدياد الطلب على العملة إلى ارتفاع سعرها والعكس صحيح.

كما يعني التعويم أيضاً أن البنوك المركزية أصبحت لا تستهدف سعراً معيناً لعملاتها المحلية عند اتباعها لنهج التعويم المطلق، بل إن سعر العملة هنا يكون شبيهاً بسعر الذهب والمعادن الأخرى الذي يخضع إلى التغيير اليومي في الأسواق العالمية.

أنواع تعويم العملة

يوجد نوعان أساسيان من التعويم، الأول هو التعويم الخالص، أو كما يطلق عليه التعويم الحر، وهو الحرية التامة لتغيير وتحديد سعر الصرف مع مرور الوقت وفق آلية العرض والطلب وقوى السوق دون تدخل الدولة في شيء.

كما أن الدولة هنا لا تتدخل من خلال أي من السلطات النقدية للتأثير على سرعة تغير سعر الصرف، كذلك لا تتدخل في الحد من ذلك التغيير.

ويتم اتباع ذلك النهج الحر لتعويم العملة في بعض البلدان المتقدمة ذات النظام الرأسمالي الصناعي، مثل الفرنك السويسري والدولار الأمريكي.

التعويم الموجه

أما النوع الثاني، فهو التعويم الموجَّه، أو كما يطلق عليه التعويم المُدار، وهو حرية تحديد سعر الصرف وفق آلية العرض والطلب وقوى السوق.

لكن في هذا النوع تتدخل الدولة عبر مصرفها المركزي عند الحاجة إلى توجيه سعر الصرف في اتجاهات محددة مقابل باقي العملات.

ويتم هذا الأمر كاستجابة لبعض المؤشرات التي تشمل معدل الفجوة بين العرض والطلب في سوق صرف العملات، أو التطورات التي تطرأ على أسواق سعر الصرف المماثلة والمستويات الآجلة والفورية لأسعار الصرف.

كما يتم اتباع هذا النهج الموجَّه لتعويم العملة في بعض البلدان ذات النظام الرأسمالي إلى جانب بعض البلدان النامية التي يرتبط سعر صرف عملتها بالجنيه الاسترليني، أو الدولار الأمريكي أو حتى من خلال سلة من العملات.

أسباب تعويم العملة

من ضمن أهم أسباب تعويم العملة هو الحفاظ على احتياطي الدولة من النقد الأجنبي، بهدف تقليل حجم الواردات والسيطرة على الاستيراد العشوائي، في حالة الدول التي تعتمد على الاستيراد دون التصدير.

اختلاف معدلات النمو الاقتصادي بين الدول الصناعية المتقدمة، من خلال ظهور قوى اقتصادية كبرى مثل اليابان وأوروبا وألمانيا، التي أصبحت منافساً قوياً للولايات المتحدة الأمريكية.

تأثير تباين مستويات التضخم بين الدول الصناعية على سعر الفائدة، بالإضافة إلى تأثيرها على تغيرات أسعار صرف العملات أيضاً.

كما أن تأثير ارتفاع معدل الإنفاق الأمريكي، وما يشمل ذلك من إنفاق على الاستثمار الخارجي وتمويل الإنفاق على حرب فيتنام، نتج عنه تفاقم العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي. كذلك ارتفاع معدل التنافس وتضارب المصالح بين العديد من الدول الصناعية المتقدمة.

إنهاء الولايات المتحدة لمنظومة بريتون وودز، بسبب افتقار الاقتصاد الدولي للسيولة العالمية بسبب العجز الكبير بالميزان التجاري.

يوجد العديد من المخاطر التي من الممكن أن تنشأ نتيجة تعويم العملة، وترك الأسعار تتغير بشكل تلقائي وفقاً للعرض والطلب دون وضع أي قيود ودون تدخل من الدولة.

مخاطر تعويم العملة

إمكانية التأثير على قيمة النقد المحلي، سواء كان ذلك بالانخفاض أو الارتفاع ما ينتج عنه عدم ثبات الأسعار. فضلاً عن تأثيرها الكبير على النمو الاقتصادي والتجارة الخارجية، والموازنة العامة للدولة ككل.

التعويم يؤثر بالسلب على صادرات أي اقتصاد ما في حالة حدوث تعادل بين سعر العملة المحلية والعملات الأجنبية، لأن في هذه الحالة لن يحقق المصدر أي أرباح تذكر، إذ إنه من الأفضل في حالة التصدير أن تكون العملة المحلية أرخص من باقي العملات، كما في حالة الصين.

من ضمن السلبيات أيضاً، هروب العديد من رؤوس الأموال المحلية إلى الخارج، نظراً لتوفر فرصة استبدال توحيد العملة والذي يكون بعدد أكبر من وحدات العملة الأجنبية، ما يؤثر سلباً على ميزان المدفوعات.

وأخيراً تصاعد التضخم وتراجع الإنتاج خاصة في البلدان النامية، كما حدث في النموذج المكسيكي والأرجنتيني.