الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مثقفون: غزو مشاهير مواقع التواصل الساحة تسطيح للفكر وطمس للهوية

وجّه مثقفون وفنانون وإعلاميون إماراتيون سهام النقد إلى شركات ووسائل الإعلام، التي باتت تعتمد على نجوم مواقع التواصل الاجتماعي، وتقدمهم على أنهم مفكرون ومبدعون، بهدف الترويج لمنتجاتها لدى متابعي هؤلاء النجوم. وأكدوا أننا نعيش اليوم عصر تسونامي رقمي أفرز شخصيات افتراضية ربما يكون لها تأثير آنٍ، إلا أنه لن يستمر طويلاً، مؤكدين أن هناك من يبحث عن المشاهير لا عن المهنيين. واعتبروا سطو هؤلاء على الفن والإعلام والثقافة أكبر تسطيح للفكر، مشيرين إلى أن هناك أجيالاً من المثقفين تعبت من أجل خلق هوية ثقافية وفنية خاصة للمجتمع الإماراتي. وعبّر مثقفون عن ثقتهم بذائقة الجمهور وقدرته على معرفة صاحب الفكر من مدعيه، مشيرين إلى أنهم سيكتشفون من أقل نقاش عام مع هؤلاء المشاهير سطحيتهم وضحالة فكرهم. وأرجعوا السبب الرئيس في بزوغ نجم هؤلاء واحتلالهم هذه المكانة بين المجتمع إلى أن أهل الاختصاص لا يجيدون التسويق لكاتب أو فنان أو إعلامي جيد ولا يجيدون صناعة النجوم في هذه المجالات. وأكد الأديب الإماراتي حارب الظاهري أن دخول مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي إلى المجالات الثقافية والفنية والإعلامية يؤثر بشكل سلبي في ثقافة المجتمع، ويسهم في تغييب الوعي لديه. ولفت إلى أن معظم هؤلاء يتحدثون في أمور لا يدركون عنها شيئاً، وليست لديهم أي خبرات أو تجارب حياتية مقنعة إلا لمتابعيهم على حساباتهم. وأضاف أن الأمر قد استشرى وزاد إلى حدّ غير معقول، إذ أصبحوا كُتّاباً وأدباء، ولديهم إصدارات في معارض الكتب، بل ويتقدمون أهل الاختصاص في المناسبات الثقافية والفنية، وربما يأتي تكريمهم في المقام الأول من قبل بعض الجهات. وأرجع الظاهري السبب في تفشي هذه الظاهرة إلى هوس الكثيرين بالشهرة، فترى مديرين أو منتجين أو دور نشر تخطب ود هؤلاء للاستفادة من متابعيهم دون التحقق من خلفياتهم الثقافية، وكيف أصبحوا مشاهير عند جمهور افتراضي. من جهته، اعتبر الفنان الإماراتي علاء النعيمي سطو هؤلاء على الحياة الثقافية أكبر تسطيح للفكر، وتقليل لما تعبت عليه الأجيال كي تبرز للعالم أن لدينا فكراً وثقافة وفناً وإعلاماً وهوية إماراتية خاصة في هذه المجالات. وأضاف أن الأدباء والفنانين والمثقفين الإماراتيين تعبوا كثيراً كي يخلقوا هوية ثقافية وفنية للمجتمع الإماراتي، وليس من المنطقي أن يأتي أحد مشاهير سوشيال ميديا ليساوي نفسه بالفنانين والإعلاميين والمثقفين الحقيقيين لأن لديه متابعين كثر. وأشار النعيمي إلى أن المشكلة الكبرى أن هؤلاء أضحوا نجوم المجتمع ويدعون إلى أهم الملتقيات، بل ويغدق عليهم بالعطايا الكبيرة لمجرد أن يحضروا ويرفعوا مقطع فيديو للحدث على صفحاتهم. وأكد أنهم لن يستمروا كثيراً، إذ إن دخولهم في أقل نقاش ثقافي أو إعلامي أو فني أمام الجمهور في مؤتمر أو مهرجان يكشف سطحيتهم وضحالة فكرهم. أما المذيعة الإماراتية صفية الشحي، فأبدت استغرابها من أن الناس حالياً يبحثون عن المشاهير لا عن المهنيين، ويطبقون معايير السوق على الإعلاميين، ويتساءلون هل لديهم متابعون على مواقع التواصل الاجتماعي أم لا. وأضافت أن المجتمع فشل في معاملة المثقفين والفنانين والإعلاميين الحقيقيين باعتبارهم نجوماً، فجاء هؤلاء بنجومية سطحية واحتلوا المكان، لأن أهل الاختصاص لا يجيدون التسويق لكاتب أو فنان أو إعلامي جيد، ولا يجيدون صناعة النجوم في هذه المجالات. وأكدت الشحي أننا نعيش اليوم عصر «تسونامي الرقمي»، الذي أفرز هذه الشخصيات الرقمية التي لا تعتقد بتأثيرها الكبير، حتى وإن كان موجوداً بعض الوقت إلا أنه لن يستمر طويلاً، لافتة إلى أن الشركات الكبرى هي من تصنع من هؤلاء. من جهته، يرى المخرج الإماراتي عادل عبدالله أن هؤلاء لا شك مشاهير، لكن الأفضل لهم وللجمهور أن يظلوا نجوماً في مكانهم، أما دخول بعضهم عالم الفن والثقافة من دون موهبة فأمر ربما يعود عليهم بالسلب والانتقاد.