الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

المكان الفارغ

- أعترف أنني أجلت قراءة هذه الصورة لبضعة أيام، ففي كل مرّة أحاول نبش تفاصيلها يأخذني هذان المسنان بنظراتهما حتى أغرق في شرودهما، أذهب بعيداً ولا أعود. - أكثر ما يرعبني هو الفراغ الذي يفصل بينهما في الكرسي، إن كانت ثمة نظرات شاردة وحزينة فهي بالتأكيد بسبب صاحب المكان الفارغ، شيفرة جارحة كأنها: انتظار من لا يجيء. - في الخلف تحاول النافورة أن تلفت نظرهما وتفشل، أما ماء البحيرة فشعر بالحزن وانحاز للسكون. - البكاء بالتأمل، الحالة الأكثر وجعاً، وهي حالة البكاء بلا صوت أو دمع، الصمت دوماً هو الأقرب شبهاً بالموت، أو هو جزء منه، هذه الحالة أرخت سدولها على كامل المشهد، حتى الزهور القريبة منهما فقدت عبيرها ونضارتها، وكأن المشهد أخدت منه روحه، أو كأنه ذكرى يتحاشى الزمن التوقف عندها. - المساحة الفارغة بينهما تزاحمهما كثيراً، وحش الفراغ ينهش الأرواح، يصنع التباعد غير الإرادي، وكأن النافورة تلويحة الموادع الأخيرة، أخيراً هذه الصورة يمكن تسميتها (حشرجة).