الاثنين - 19 مايو 2025
الاثنين - 19 مايو 2025

حدثينا يا روابي نجد .. رحل الملحن السعودي سراج عمر

انطفأ سراج الألحان وصمت النغم الجميل وحدثتنا روابي نجد برحيل الملحن السعودي الأصيل الموهوب سراج عمر صاحب أوبريت التوحيد، والذي ترنم الملايين بلحنه الوطني «بلادي بلادي منار الهدى .. ومهد البطولة عبر المدى». كانت البوصلة التي يتخذها الملحن الموهوب في أعماله هي الأصالة والإضافة إلى الفن والجمال، الإبداع الذي لا يهادن، واللحن الذي يبقى عصياً على النسيان رغم الزمان. وكان لسراج عمر نصيب من أول أغنية لحنها لفنان العرب محمد عبده، يا حبيبي آنستنا، ومن يومها أحببناه كلنا، وأنسنا بألحانه، التي كانت مقياساً للنجاح والنجومية وقبلهما الإبداع والموهبة. وشكل محمد عبده نقطة الانطلاق للشهرة والنجومية لسراج، وكان بطاقة التعارف الأولى بين الملحن الموهوب والجمهور، ولكن محمد عبده كان رفيق الدرب، والنغمة المتجانسة التي يعزفها المبدعان بقلبهما ووجدانهما، تعددت أعمال سراج، ولكنها كلها في كفة، وأنغامه للخالد طلال مداح في كفة. يكفي أن نشير إلى «مقادير» الأغنية التي ترنم بها كل بيت عربي، وكانت جواز المرور للفن السعودي الأصيل على امتداد العالم العربي، وأصبحت أيقونة النجاح والنغم المشتهى لكل فنان عربي، يغنيها في حفلاته، وكأنها صك القدرة على الطرب والتمكن من الغناء. ويحدثنا المنطق أنه كان من الطبيعي أن تنجح الأغنية وتستمر لأنها جمعت بين أضلاع المجد والموهبة الثلاثة، الكلمة الصادقة الموحية لمحمد عبدالله الفيصل، واللحن المخاطب للوجدان لسراج عمر والصوت العذب المغلف بالإحساس والذي لا يشبه أحداً لطلال مداح. ومع فيض ألحانه، كان سراج عمر يحمل معزة خاصة لأوبريت التوحيد الذي قدمه في مهرجان الجنادرية عام 1994، وجمع عمالقة الفن محمد عبده، طلال مداح، عبدالمجيد عبدالله، راشد الماجد، عبدالله رشاد في لقاء ربما لم يتكرر مرة أخرى، وكانت الكلمات من إبداع خالد الفيصل، وأصبح الأوبريت علماً على الفن السعودي درسته تسع أكاديميات وجامعات عالمية. ويعتز الملحن الراحل أيضاً بإعادة توزيع النشيد الوطني السعودي بعد أن أدخل الآلات النحاسية العسكرية، ليلهب الحماس والمشاعر ويصبح الحاضر في كل مناسبة وطنية أو حدث يمثل بلاده. ومن الصعب أن نحصر إبداعات سراج عمر، والأجمل أنها لم تكن رقماً فقط أو لحناً يمر بل إبداعاً يبقى ويستدام ويؤثر، يستقر في الوجدان ويرتقي بالذائقة، ويحصن النفس من كل دعاة الفن الهابط، سنظل نذكر له غزيل لعبدالمجيد عبدالله، حدثينا يا روابي نجد لمحمد عبده، أغراب، ما أطولك ليل لطلال مداح، وغيرها من نغمات خالدة. سراج عمر.. رغم الغياب تفديك روحي.