الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

سباق محتدم حول بيانات المستهلكين.. هل تستخدم بأمان؟

سباق محتدم حول بيانات المستهلكين.. هل تستخدم بأمان؟

رغم أنَّ خصوصية بيانات المستهلكين كانت مشكلة محتدمة لبعض الوقت، فإنَّ اللوائح التنظيمية الجديدة والتغيُّر في عقليات المستهلكين يزيد من أهمية معالجتها. لكنَّ السؤال لا يتمثَّل فيما إذا كان يجب الاستمرار في جمع بيانات المستهلكين، بل في تحديد أفضل طريقة لتوصيل مزايا مشاركة البيانات وطمأنة المستهلكين بأنَّ بياناتهم تُستخدم بأمان، فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، زادت المخاوف بشأن خصوصية المستهلكين، خاصة فيما يتعلق بمشاركة البيانات.

أدى ذلك إلى وضع لوائح، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي وقانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا، ما دفع معظمَ الشركات إلى إدراك الحاجة إلى حماية بيانات المستهلكين بشكل أفضل. لذا اتَّخذت شركاتٌ مثل «أبل» و«غوغل» خطوات جديدة نحو تعزيز خصوصية البيانات، حيث تعمل «غوغل» الآن على التخلُّص من ملَّفات تعريف الارتباط الخاصة بالجهات الخارجية بحلول عام 2024.

يقودُ ذلكَ المؤسسات إلى استنتاج أنَّ المستهلكين لم يعودوا يرغبون في مشاركة معلوماتهم، غير أنَّ هذا أبعدُ ما يكون عن الواقع، حيث إنَّ نحو 40% من الناس يؤكدون على استعدادهم لمشاركة بياناتهم الشخصية طالما أنهم يعرفون الجهة المستخدمة للمعلومات، وسببَ استخدامها لها. علماً بأنَّ هذه النسبة ترتفع إلى 80% حين يحصل المستهلكون على فوائد واضحة من مشاركة البيانات.

لذلك يتجلى السؤال بالنسبة للشركات في كيفية توصيل فوائد مشاركة البيانات بشكل أفضل وطمأنة المستخدمين بأن بياناتهم محفوظة بأمان، فلا يتعلق الأمر بالشفافية مع المستهلكين فحسب، بل بتكييف عمليات جديدة أيضاً للتأكد من الحفاظ على أمان المعلومات التي يشاركونها، إلى جانب طلب المعلومات التي توفر قيمة حقيقية للمستهلكين فقط. ومن خلال النهج الصحيح، يمكن للشركات تقديم التجارب الشخصية التي يرغب فيها المستهلكون، مع بناء الثقة حول خصوصية البيانات. ولكن لماذا تعد مشاركة البيانات بالشكل الصحيح مكسباً للجانبين؟

تعدُّ البيانات ضرورية لتقديم تجارب شخصية يتوقعها المستهلكون عند التعامل مع العلامات التجارية، لكنَّ ذلك لا يعني أنَّ جميع طرق جمع البيانات متشابهة، إلا أنَّ ملفات تعريف الارتباط من بين أكثر الطرق شيوعاً، حيث تعدُّها العلامات التجارية مفاتيح لتقديم إعلانات مخصَّصة وتجارب رقمية أفضل، لكنَّ المستخدمين غالباً ما ينظرون إليها على أنَّها انتهاكات للخصوصية.

رغم أنَّ ملفات تعريف الارتباط مفيدةٌ لجمع البيانات من القنوات الخارجية وتوفر بعض الفوائد للمستهلكين، فإنَّها تفتقر إلى الشفافية التي يريدها المستهلكون، ونادراً ما تكون بدقة بيانات الطرف الأول. لذا لا بدَّ أن تعيد الشركات تقييم الأساليب التي تستخدمها لجمع معلومات المستهلكين، فرغم أن بيانات الطرف الأول لن توفر معلومات من مصادر خارجية، فإنَّها تعوِّض عن ذلك بمعلومات سياقية آنية أسهل في التنظيم والاستخدام لتطوير تجارب شخصية أفضل للمستهلكين.

يمكن لذلك أن يساعد في تجاوز ملء النماذج البسيطة وتوفير الأفضليات لتقديم تجارب رقمية تلبّي احتياجات المستهلكين ورغباتهم، ونظراً لعدم وجود وسيط بين الشركة والمستهلك، فمن الأسهل توصيل ما تجري مشاركته فقط وكيفية حمايته واستفادة المستهلكين منه، لذا نقدِّم فيما يلي ثلاث خطوات لبناء علاقات بيانات أفضل مع المستهلكين، وفقاً لمقالة نشرتها مجلة «سي إي أو وورلد»:

أولاً، الشفافية وبناء الثقة، فمن خلال الشفافية يعرف المستهلكون سببَ جمع بياناتهم وكيفيةَ استخدامها بطريقة سهلة الفهم. كما أنَّ الثقة هي نتاج الشفافية، وحين يتعلَّق الأمر ببناء الثقة، فإنَّ الاستراتيجية الأبسط والأكثر فعالية هي الصدق والصراحة. لكنَّ الأمر يتعلق أكثر بطمأنة المستهلكين بأنَّ بياناتهم آمنة وقيِّمة؛ ولا بدَّ أيضاً أن تكون سياسة البيانات الخاصة بالشركة مرئيةً بوضوح وسهلةَ الفهم للجمهور.

ثانياً، تحفيز المشاركة، حيث يتجلَّى ذلك في استفادة الطرفين بشكل متبادل، حيث يمكن تحفيز المشاركة عبر التركيز على التخصيص، إذ يمكن أن توفر العلامات التجارية قيمة حقيقية عبر توفير تجارب رقمية ذات صلة عالية وذات مغزى من خلال المحتوى الديناميكي أو توصيات المنتج. لا بدَّ أيضاً من تقديم قيمة ملموسة للمستهلكين الذين يوافقون على مشاركة معلوماتهم الشخصية. كما يمكن استخدام التخصيص التنبُّؤي الذي يثبت للمستهلكين أنَّ الشركة تستمع إليهم وتتوقع احتياجاتهم.

ثالثاً، الحفاظ على خصوصية بيانات المستهلك وسلامتها، إذ لا يجب مشاركتها مع أطراف ثالثة دون إذن صريح من المستهلك. علماً بأنَّه يمكن الحفاظ على سلامة البيانات من خلال عقد شراكةٍ مع شركةِ خصوصيةٍ للتأكد من أنَّ عملية جمعَ بيانات المستهلكين وتخزينها تجري بأمان وعبر التكنولوجيا الصحيحة.

لذلك فإنَّ أخذَ خصوصية البيانات على محمل الجد يسهم في بناء ولاء المستهلكين للشركة، ويحسِّنُ سمعتها بينهم، لذا فإنَّ زيادة المخاوف بشأن خصوصية البيانات تشكِّل نداءَ تنبيه للشركات؛ لأجل استخدام الطرق السليمة في التعامل مع بيانات المستهلكين.