الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

انهيار أسهم أشباه الموصلات مع نمو مخزونات الرقائق

انهيار أسهم أشباه الموصلات مع نمو مخزونات الرقائق

رغمَ ارتفاع أسهم قطاع أشباه الموصلات العام الماضي حين اندفع الناس لشراء الهواتف الذكية والسيارات وأجهزة الألعاب خلال جائحة كوفيد-19، أدَّت حالات انقطاع سلاسل الإمداد وتأخُّر الشَّحن إلى حدوث نقصٍ في الرقاقات على الصعيد العالمي، أمَّا الآن فيؤثِّر تباطؤ الطلب الاستهلاكي على الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية على توقُّعات صانعي الرقاقات، حيث توقَّع المستثمرون تراجُعَ أسهم صانعي أشباه الموصلات؛ بسبب تباطؤ الطلب من العملاء وتراكُم المخزونات في بعض أكبر مصانع الرقاقات في العالم.

وتوقَّع العديد من المحللين وصانعي أشباه الموصلات أنَّ الطلب على الرقاقات سيُجاوز العرض لمدَّةٍ طويلة، لذلك زادت مصانع الرقاقات من إنتاجها، لكنَّ مبيعات الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية تتباطأ الآن، حيث إنَّ ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة هذا العام زاد من الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة وبلدان أخرى.

في الوقت نفسه، أثَّرت عمليات الإغلاق المتعلقة بكوفيد في الصين على طلب المستهلكين على العناصر مرتفعة الثمن، في حين تهدِّد أسعارُ الفائدة سريعة الارتفاع بتقييد النموِّ الاقتصادي في الولايات المتحدة والعالم، ما يجعل الشركات أكثر حذراً بشأن الإنفاق.

انخفضت أيضاً أسعار رقائق الذاكرة المستخدَمة في العديد من الأجهزة الإلكترونية خلال الأشهر الأخيرة، ولكن رغم أنَّ الطلب على أشباه الموصلات المستخدَمة في السيارات ومراكز البيانات ما يزال مرتفعاً، تستعدُّ بعض الشركات لتباطؤِ المبيعات في قطاعات أخرى.

يُذكر أنَّ أسهم شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات انحفضت بنسبة 22% على مدى الأشهر الستة الماضية بعد أن سجَّلت رقماً قياسياً في يناير، حيث رفعت الشركة الأسبوع الماضي توقُّعات إيراداتها للعام الكامل، مشيرةً إلى أنَّها ما تزال تشهد طلباً قوياً على الرقاقات المستخدَمة في منتجاتٍ مثل أجهزة الكمبيوتر عالية الأداء.

ومع ذلك، أقرَّ كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة أنَّ الصناعة الأوسع تتعامل مع «تصحيح المخزون» الذي دفع العملاءَ إلى خفض الطلبات من بعض نظرائهم، إذ أفاد سي سي وي، الرئيس التنفيذي للشركة، أنَّه بعد عامَين من الطلب الذي يحرِّكه الوباء، تتوقَّع الشركة أن «يستغرق المخزون الزائد في سلسلة توريد أشباه الموصلات بضعة أرباع؛ لإعادة التوازن إلى مستوى أكثر صحة».

يجري تداول أسهم شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات الآن بنحو 13.4 ضعف الأرباح المتوقَّعة للأشهر الـ12 القادمة، مقابل نسبة السعر إلى الأرباح المستقبلية التي زادت عن 23 ضعفاً في أوائل يناير، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال».

ومن جهة أخرى، انهارت أسهم شركة «سامسونغ»، أكبر مصنِّعي رقاقات الذاكرة في العالم، وأسهم شركة «إس كي هاينيكس»، رغم ارتفاع أسهم التكنولوجيا العالمية الأخير الذي ساعد القطاع على استرداد بعض الخسائر، أمَّا أسهم شركة «إنتل» الأمريكية العملاقة المصنِّعة لأشباه الموصلات، فخسرت 22% في ستة أشهر، في حين أنَّ أسهم شركة «ميكرون تكنولوجي» التي أصدرت توقُّعاتِ إيراداتٍ هادئة الشهر الماضي انخفضت بنسبة 23%.

تعدُّ أشباه الموصلات جزءاً ضرورياً لصناعة مجموعةٍ واسعة من المنتجات، مثل الأجهزة المنزلية والمعدات الطبية والسيارات وغيرها. علماً أنَّه من الصعب تصنيع الرقاقات التي تحتوي على ناقلاتٍ بعرض الشعر البشري. لذا يستغرق الأمر أشهراً بين وقت تقديم الطلب وتاريخ تسليم الرقاقات، في حين يستغرق بناء مسابك أشباه الموصلات عدَّة سنوات.

يمكن أن تؤدي فترات الانتظار الطويلة إلى الإفراط في الطلب؛ لذا اعتادت صناعة الرقاقات منذ مدة طويلة على التأرجح بين الازدهار والكساد، فعندما يؤدّي الطلب القوي إلى رفع الأسعار، يزيد المصنِّعون من قدرتهم على الاستفادة من الأسعار المرتفعة عبر إنتاج المزيد من الرقاقات، ولكن يؤدي ذلك في النهاية إلى تكدُّس المعروض، والذي يؤدي بدوره إلى خفض الأسعار ومستويات الإنتاج والإيرادات.

أشار فيليكس لي، محلل الأسهم في شركة «مورنينغستار» للخدمات المالية، إلى أنَّ بعض الشركات أبلغت مؤخَّراً عن ارتفاع مخزونات أشباه الموصلات، حيث تبقى الرقاقات في التخزين أحياناً لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، كما يرى «لي» أنَّ المخزونات المفرطة ستثير مخاوف انخفاض الطلب في المستقبل، لأنَّ العملاء سيضطرون إلى خفض بعض طلباتهم؛ لتصحيح مستويات المخزون، إلا أنَّ لي يتوقَّع أن تستمر المخزونات الزائدة للرقاقات حتى نهاية العام قبل أن يعود الوضع إلى طبيعته.

أما إليزابيث كويك، مديرة الاستثمار للأسهم الآسيوية في شركة «أبردين» البريطانية، فذكرت أنَّ «ارتفاع أسعار الفائدة دفع المستثمرين إلى سحب الأموال من أسهم النمو، وهي الفئة التي يقع فيها صانعو الرقاقات». رغم أنَّ بعض أسهم صانعي أشباه الموصلات ارتدَّت عن أدنى مستوياتها مؤخراً، ما تزال كويك ترى علاماتٍ على ضعف الطلب وتتوقَّع المزيد من مراجعات الأرباح الهابطة.

ومن ناحية أخرى، أشارت كويك إلى أنَّ قطاع التكنولوجيا يواجه مشكلات كبيرة، حيث إنَّ كيفية إدارة الصين لتفشي كوفيد في الأشهر المقبلة يمكن أن تؤثِّر سلباً على تعافي طلب المستهلكين، فبعد أن بدأت الصين إنهاء عمليات الإغلاق والقيود في يونيو، ارتفعت شحنات الهواتف المحمولة في الصين بنسبة 9.2% على أساسٍ سنوي، علماً أنَّها انخفضت بنسبة 22% في النصف الأول من الفترة نفسها لعام 2021.

كما أفاد ويليام يوين، مدير الاستثمار في شركة «إنفيسكو» في هونغ كونغ، أنَّ الضغوط التضخمية ازدادت بعد أن أدَّت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمحاصيل الزراعية والسلع الأساسية، إلا أنَّ العديد من أسهم صانعي أشباه الموصلات ما تزال جذَّابة للمستثمرين على المدى الطويل، حيث تستمر حاجة المستهلكين والشركات إلى الرقاقات في النمو على المدى الطويل.