الأربعاء - 15 مايو 2024
الأربعاء - 15 مايو 2024

الحبْل

أبشعُ‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الشارع،‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭ ‬أبداً، على‭ ‬جانبيه‭ ‬اصطفّ‭ ‬الناس‭ ‬مادّين‭ ‬أجسادهم‭ ‬النحيفة‭ ‬المتفحمة‭ ‬نحو‭ ‬العربة،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تسير‭ ‬ببطء‭.‬ كان‭ ‬في‭ ‬العربة‭ ‬أنا‭ ‬وحبيبتي‭ ‬وشخص‭ ‬لم‭ ‬أره‭ ‬من‭ ‬قبل‭ :‬أنا‭ ‬أقود‭ ‬العربة،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬المقعد‭ ‬الملاصق‭ ‬لي،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬المقعد‭ ‬الخلفي‭.‬ لما‭ ‬ابتدأنا‭ ‬هذا‭ ‬الشارع،‭ ‬بكيت‭ ‬بكاءً‭ ‬مراً‭ .‬كان‭ ‬يتصاعد‭ ‬من‭ ‬عينيّ‭ ‬دخانٌ‭ ‬كثيف،‭ ‬لا‭ ‬يجعلني‭ ‬أرى‭ ‬بوضوح،‭ ‬لكني‭ ‬كنتُ‭ ‬أحسُّ‭ ‬بحبيبتي،‭ ‬ضاغطة‭ ‬بأصابعها‭ ‬على‭ ‬شفتيّ‭.‬ بيدي‭ ‬اليسرى،‭ ‬فتحتُ‭ ‬زجاج‭ ‬نافذتي‭ ‬لكيلا‭ ‬يخنقنا‭ ‬الدخان‭ .‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انفرجتْ‭ ‬النافذة،‭ ‬دخلتْ‭ ‬يدٌ‭ ‬معروقة‭ ‬جافة‭ ‬باتجاهي،‭ ‬لكني‭ ‬عدت‭ ‬فأغلقت‭ ‬النافذة‭ ‬بهلع‭ ‬شديد،‭ ‬لتنحبس‭ ‬اليد‭ ‬بين‭ ‬الزجاج‭ ‬والحديد،‭ ‬ثمَّ‭ ‬لتنفصلَ‭ ‬وتسقط‭ ‬بين‭ ‬قدميّ‭.‬ حاولتُ‭ ‬أن‭ ‬أزيد‭ ‬سرعة‭ ‬العربة،‭ ‬لكن‭ ‬السيارات‭ ‬المهجورة‭ ‬التي‭ ‬تناثرت‭ ‬وسط‭ ‬الشارع‭ ‬منعتني‭ .‬ضغطتُ‭ ‬زر‭ ‬المذياع،‭ ‬فسمعتُ‭ ‬صوتَ‭ ‬عصافير‭ ‬تغرد‭ ‬مجتمعة‭ ‬استمر‭ ‬التغريد‭ ‬لفترة،‭ ‬ثم‭ ‬انقطع‭ ‬فجأة‭ ‬بدأ‭ ‬المذيع‭ ‬يتلو‭ ‬بياناً‭ ‬ملخصه؛‭ ‬أنَّ‭ ‬امرأةً‭ ‬كانت‭ ‬ستقذف‭ ‬بنفسها‭ ‬في‭ ‬بئر،‭ ‬لكن‭ ‬شاباً‭ ‬أنقذها‭ ‬وبعد‭ ‬أيام‭ ‬وجد‭ ‬الناس‭ ‬الشاب‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬جبل،‭ ‬وقد‭ ‬تحوّل‭ ‬إلى‭ ‬حجر‭. ‬ [email protected]