الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

صناعة الشفاء

إذا كان المعيار الأخلاقي مهماً في عموم حياة المرء وعلاقاته، فالأكثر أهمية لهذا المعيار أن يرتكز في ميدان الخدمات الطبية والدوائية إلى مقاييس ثابتة وصارمة. إن البعد الأخلاقي في التصنيع الدوائي يكتسب أهمية نوعية من خلال ارتباط المنتج الدوائي بحياة المريض من عدمها، وهنا تصبح المقاربة ما بين صناعة الشفاء أو صناعة الموت. لا شك أن الضوابط والمقاييس الأساسية، كممارسات التصنيع الجيد ومقاييس ضبط الجودة والالتزام بمنظومات العمل العقيم، وصولاً إلى اعتماد شهادات الآيزو العالمية، وشهادات الجودة الأوروبية وإدارة الدواء والغذاء الأمريكية، هي ضوابط ملزمة حتماً في هذا المقام. كما تبرز هنا أيضاً العلاقات الأخلاقية بين المصنعين والبيئة، وآليات الحد من نسب التلوث. وتكتسب حماية العاملين في معامل الدواء من أي أخطار محتملة، بعــداً أخلاقياً مهماً. ولعل من أهم المعايير الأخلاقية في ميدان الصناعة الدوائية ما يتعلق بتحري المواد الأولية عالية الجودة، والأمان، والفاعلية، وصولاً إلى منتج دوائي جيد «رقابة الضمير بوصفها بُعداً أخلاقياً». وأخيراً نشير إلى التجارب السريرية لبعض الأصناف الجديدة في أبحاث تطوير الدواء وهي مسـألة ترتبط بالبعد الإنساني ليختلط هنا مجدداً البعد الأخلاقي بالقانوني. إن الفلسفة الأخلاقية لمعامل الدواء ترتبط بمرجعياته العلمية، وأبحاثه الأكاديمية، ومساهماته في نشر الثقافة الصحية وسبل الاستهلاك الرشيد للدواء والالتزام بالمعايير الدولية الناظمة. إن صناعة الدواء ترتبط بمفهوم الشفاء، أو بمفهوم المعاناة، ذلك أن الدواء ليس سلعة تستبدل حال عدم ملاءمتها لذوق مقتنيها، لذلك توجب أن تكون صناعة آمنة، خالية من الهفوات والثغرات، وصولاً إلى منتجات دوائية تحقق الأمن الصحي والسلامة المجتمعية. طبيب أسنان