الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

فض اشتباك

أحدهما ظاهرٌ والآخر خفي، أحدهما عنيد والثاني بسيط، أحدهما منطقي عاقل، وأخوه عاطفيٌ لا منطقيٌ جاهل .. كيف حدث الصراع؟ اشتبكا بكل عنفٍ وقسوة. حدث أن طرأ نزاع حادٌ جداً بينهما استمر لفترة طويلة على أمور عديدة طوال فترات حياتهم، على سبيل المثال، حين تقدم أحد الشبان لخطبة أختهم. كان الشاب فقيراً من عائلة بسيطة جداً، لكنه كان كأبيه، عصامي النزعة، يعمل على بناء نفسه متسلحاً بعلمه وعمله بكل عزةٍ وكرامة نفس وجهد. كان وضعه يتحسن يوماً بعد يوم. أما هم، فكانوا أبناء الحسب والنسب والمال والجاه، نعم، من حيث المبدأ، الرجل لا يعيبه شيء، بل على العكس تماماً، إنه مشهودٌ له ولأهله بالأخلاق العالية والطيبة اللامتناهية والتدين الرائع واحترام النفس والإنسانية العالية، كان هو وأهله على الرغم من فقرهم رجال مواقفٍ كريمة، كانت الأصالة تجري في دمائهم. أيوافقون عليه؟ تأمل الأول «الرجل رجلٌ بكل ما للكلمة من معنى وأبعاد، وقد قال الله تعالى، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله». أما الثاني فكان يفكر «ليته كان من طبقتنا، لكان الأمر محسوماً، لكن جيبه خذله فبات القرار صعباً، لن يتم هذا الزواج تحت أية ظروف». إنه صراعٌ أزلي، بين أخوين يسكنان فيه، «العقل الواعي والعاقل الباطن». الأول، هو ما نعيه، ما أدركناه من مبادئ وما علمناه لأنفسنا بعد علمنا وخبراتنا في الحياة. أما الثاني، فلا شأن لنا في طريقة تفكيره، إنه برمجة عصبية مكتسبة لم نعها دخلت لأدمغتنا منذ أول نفَسٍ لنا. الترتيب ليس مهما، قد يكون الواعي جاهلاً، والباطن عاقلاً، وفقاً لترتيب الأحداث. لكن ما يهم معرفته، أن هناك فجوة يجب أن نصلها بينهما. ندعو للتسامح لكن البعض لا يسامحون، يزدرون العنصرية لكنهم عنصريون في بعض مواقفهم، يمارسون إحدى الكبائر بينما قد يكونون فعلاً مؤمنين ولذلك كارهين. لنبحث عن الفجوة ونردمها، لنصل بينهما ونفضّ الاشتباك. [email protected]