الجمعة - 10 مايو 2024
الجمعة - 10 مايو 2024

الأخلاق هي الحضارة

الأخلاق سمة الحضارة والرقي والتقدم، فلا يمكن وصف شعب بالمتحضر إن كان معدوم الأخلاق، وإن كانت له صناعات واختراعات ووسائل حديثة، فالآلات والروبوتات في هذا الزمان تصنع وتركب وتنظم كثيراً من الأشياء، لكنها معدومة الأخلاق والمشاعر والأحاسيس، فلا يمكن وصفها بالرقي والتحضر، إنما هي وسائل وأدوات، وكذلك الإنسان يصبح أداة فقط وإن كان منتجاً ولكنه معدوم المشاعر وبلا أخلاق. هذا ينطبق على الجميع من دون استثناء، فليس العاملون بأيديهم المنتجون للأشياء هم فقط المعنيين، بل حتى المسؤول والمعلم والأستاذ وعموم الناس، وإن كان منتجاً للفكر أو للسياسة أو للدين أو للأدوات أو لأي شيء، إن انعدمت أخلاقه انعدم تحضره ورقيه بل وإنسانيته فهو أشبه بالآلة. أما رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فقد وصف بأنه: (لَمْ يَكُنِ سَبَّاباً، وَلَا فَحَّاشاً، وَلَا لَعَّاناً) وعندما وصفه الله عز وجل، قال (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وهو وصف ما بعده وصف، وقد كانت أخلاق النبي عليه السلام مع المسلمين والمقربين والأهل والكفار والأعداء راقية وجميلة في جميع المواقف. أما أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الأخلاق فهي كثيرة، منها (البر حسن الخلق)، وقوله عليه السلام (ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة)، وقوله عليه السلام (أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق)، وقوله عليه السلام (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)، وقوله عليه السلام (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه). ولَم يكتفِ الرسول صلى الله عليه وسلم بالحث على الأخلاق بين الناس أو مع الناس بل حتى مع الحيوانات، فقد أخبرنا عليه السلام عن امرأة دخلت النار بسبب هرة حبستها فماتت من الجوع. كما أخبرنا عليه السلام عن رجل غفر الله له ذنوبه لأنه سقى كلباً اشتد عليه العطش. أما هذه الأيام، فنلاحظ الكثير ممن يسب ويلعن ويهين لما يحمله من غل وأحقاد، أما الكارثة الكبرى فهي من يسب ويلعن بعض المسلمين لأنهم لا يوافقون عقيدته أو مذهبه أو هواه، وهو يعتقد أن ذلك جائز، بل يعتقد أنه قد يؤجر على ذلك لأنهم من المخالفين، ونسوا أو تناسوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا باللَّعَّانِ. ولا بالفاحشِ ولا بالبذيءِ). [email protected]