الجمعة - 10 مايو 2024
الجمعة - 10 مايو 2024

الغريب.. الأجنبي

تعددت أسماء ذلك الغريب المسمى أجنبياً في جميع الثقافات، وفي المعاجم ترد عدة معان للغريب، ففي معجم الوسيط، الغَرِيبُ: غير المعروف أَو المأْلوف، الغَرِيبُ الرجلُ ليس من القوم، ولا من البلد، والجمع غُرَباء. وفي معجم الرائد، غريب: اسم، غريب: بعيد عن وطنه، غريب في البلد أو بين القوم: من ليس من البلد، غريب: عجيب غير مأنوس ولا مألوف، غريب من الكلام: البعيد عن الفهم، مؤنث غريبة جمع: غرائب، أما الأجنبي في معجم الرائد، أجْنَبيّ: اسم، غريب عن الأمة، جمع: أجانب. أما عند أهل الإمارات فغير العربي هو الغريب، وهم يسمون جيرانهم الأقرب والأبعد عرب، ويسمون الآخرين (غُرْب) أي أغراب، وعندما جاء الإنجليز أسموهم أجانب، وهي تسمية تطلق في العموم على جميع الأوروبيين، وفي الإمارات أيضاً كانوا يقولون (الأبرص) كوصف لعموم الأوروبيين، لبياضهم الشديد الذي يشابه من أصيب بالبرص بعد أن يتقشر جلده، أما باقي الأجناس فهم يسمونهم غُرْب. وقد وجدت بعض السلوفينيين والقوقاز يسمون الغريب غجري، فهم إذا ما استهجنوا تصرفات قوم أسموهم غجراً، كذلك عند أهل الشام يسمون الغرباء غريبي التصرف (نَوَرْ) أي غجر، وكذا أهل الخليج يسمون مستهجن السلوك (زطّي) أو (شتّي) والزطوط مجموعة من الغجر، أما الشتوت فهم كثيري الارتحال الذين لا يستقرون في مكان، كذلك ينعت الذي لا يستقر في مكان واحد أو بيت واحد بقولهم فلان شتّي، وغير المستقر في مسكنه وحاله هو مِتْشَتّتْ. في بلاد السواحل في شرق أفريقيا نواحي كينيا وتنزانيا يسمون الغريب ذا العرق غير الأفريقي (مزونغو) وهي كلمة سواحلية تعني إنساناً أبيض أو عرقاً غير أفريقي، وفي الهند يسمون الأجنبي (غوراه) وتعني الحصان الأبيض، وهي صفة غالباً ما ينعت بها الأوروبيون أو الشّقر. لكن وصف الغريب لا يتعدى أن يكون انعكاساً لسلوك وشكل من لا يتفق مع الجماعة، من خلال أقواله وأفعاله وهيئته ومجمل تصرفاته، سواء إيجابياً أو سلبياً. ومن كان يعتقد أن العرب هم أكثر حِدّة في نعت الغريب، أقول إن كل جماعة تقليدية منعزلة ولو جزئياً، ترى الغرابة في القادم من الخارج، وتخشى على تقاليدها من ذلك القادم فتنعته بتلك النعوت. لعل أجمل ما قيل في وصف حال الغريب قصيدة علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّامِ واليمنِ.. إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتهِ.. على الْمُقيمينَ في الأَوطانِ والسَّكَنِ لا تَنْهَرَنَّ غَريباً حَالَ غُربتهِ.. الدَّهْرُ يَنْهَرَهُ بالذُّلِ والمِحَنِ رئيس معهد الشارقة للتراث [email protected]