الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مبدعون لا يهزمهم الزمن

يقول جوزيه ساراماغو في روايته الشهيرة الكهف «لحسن الحظ أن الكتب موجودة، ويمكن لنا أن ننساها في خزانة أو صندوق، أو نتركها للغبار والعثة، أونهجرها في عتمة الأقبية.. يمكن لنا ألا نمرّ عليها بعيوننا، ولا نلمسها لسنوات وسنوات.. ولكنها لا تهتم بذلك كله، وتنتظر بهدوء منطبقة على نفسها كيلا يضيع شيء مما تحتويه في داخلها». وأنا اقرأ هذه الفقرة تذكرت زملاء دراسة، وأصدقاء طفولة.. مروا في حياتي مرور الكرام، دون أن يتركوا في ذاكرتي أثر.. أحاول أن أتذكر أسماءهم الكاملة، ولا أستطيع.. أحاول أن استرجع مواقف وأحداثاً كانوا هم أبطالها الأوائل، ولا أجد.. واسأل نفسي «كيف؟ ولماذا لم أنتبه إلى مواطن الجمال، والبعقرية فيهم؟».. وأردف السؤال بسؤال آخر «هل التقصير كان منهم.. أم مني؟».. ولا أعثر على إجابات قاطعة بطبيعة الحال.. فمثل هذه الأسئلة قدرها أن تبقى معلقة، وحائرة. هذه الأسئلة، وغيرها ما كانت لتتشكل في الذهن، لولا البروز المفاجئ لهم في مراحل لاحقة من حياتهم.. فالطالب ضيئل البنية، الذي كان يجلس هادئاً، ومنكفأً على ذاته طيلة العام الدراسي.. أصبح الآن إعلامياً بارزاً، تتصدر صوره المجلات والصحف.. وابن الجيران الذي كان يرافقنا ( على الصامت ) من العصر حتى العشاء، دون أن ينطق بكلمة واحدة.. أصبح اليوم من كبار رجال الأعمال.. وهكذ ا.. مرّت السنين، وكشفوا ما كان مخبوءاً في عقولهم من عبقرية وإبداع. هؤلاء الأشخاص مثل الكتب التي تكلم عنها ساراماغو.. يحتفظون بقيمتهم مهما تجاهلهم الناس.. وعندما تحين اللحظة المناسبة.. يأخذون أماكنهم المناسبة، ويبدؤون مسيرة النجاح والتألق. [email protected]