الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

رواية «أرداس» ورحلة التغيير

«الحياة كرحلة بين جبال قريتنا كلما صعدت جبلاَ وبلغت قمته يظهر خلفه جبل آخر فإما أن تعود أدراجك أو تواصل المسير لتبلغ قمة الجبل التالي» عبارة تلخص جانباً مهماً من شخصية «أرداس» بطل الرواية التي تحمل اسمه للروائي نادر حلاوة، الذي صاغ رؤيته لدورات التغيير في المجتمعات من خلال عالم خيالي لا يمت بصلة إلى كوكب الأرض! هي رؤية سردية جديدة تطرح تساؤلات ثلاثة عن خطوات التغيير (لماذا؟ وكيف؟ وإلى أين؟) ليصل الكاتب في النهاية الى أن الأفكار هي مفاتيح التغيير التي يتغير كل شيء بعدها. أحداث الرواية تحفل بأجواء التشويق والإثارة وبالطابع الملحمي الذي جعل من «أرداس» الشخصية المحورية للعمل، وعلى الرغم من أسلوب «الفانتازيا» الذي اعتمده الكاتب إلا أن الصفحات الأولى للرواية تكشف للقارئ على الفور مدى اقتراب هذا العمل من الواقع بل ومن الأحداث المعاصرة، عبر طرح فكرة الثورة وكيف يمكن أن تتغير المسارات بعيداً عن الأمنيات، وهو ما يجعل أحداث ما يُسمى بالربيع العربي ماثلة في الأذهان وإن لم تشر الرواية إليها بشكل مباشر أو غير مباشر. ولعل اختيار الكاتب لأماكن خيالية وشخصيات «غير بشرية» قد منحه القدرة على تقديم رؤيته بعيداً عن ضغوط الأحداث الجارية، أو الانحيازيات الفكرية والسياسية، وهو ما يجعل من رواية «أرداس» أول عمل عربي يعالج فكرة الثورات الشعبية بطريقة عقلانية هادئة ومنعزلة تماماً عن سخونة أحداث الواقع التي قد تشوش رؤية القارئ. رواية «أرداس تقدم رؤية تحليلية عميقة لمسارات التغيير الاجتماعي دون أن تتخلى عن إيقاعها السريع وأحداثها المتتابعة ومفاجآتها التي تجتذب القارئ من الصفحة الأولى إلى الأخيرة خصوصاً أن الكاتب حرص على تقديم هذا العمل بمستويات عدة، فالحدث الواحد في الرواية قد يحتمل أكثر من قراءة متدرجة في المعنى والمغزى، حيث تمتزج متعة القراءة بالمضامين السياسية والاجتماعية حيناً وبالرؤى الفلسفية الخالصة في أحيان أخرى، الأمر الذي يجعل من إعادة قراءة هذه الرواية أكثر من مرة سبباً لاكتشاف أبعاد جديدة قد تغيب عن القارئ حين يتصفحها في المرة الأولى. [email protected] مذيع وإعلامي