ميناء المخا وقهوة الموكّا

تشير آخر الدراسات الصحية إلى ضرورة تناول ثلاثة أكواب من القهوة يومياً، وقبلها كانت دراسة أخرى قد أشارت إلى الحذر من الإفراط في تناول المنبهات، وعلى رأسها القهوة وما فيها من الكافيين. لعل الشاعر محمود درويش وارتباطه بهذا المشروب وفق طقوسهِ الخاصة، لم يلق بالاً إلى كل هذه الدراسات فقد كان يقول «مبرراً»: (لأن القهوة ؛ فنجان القهوة الأول، هو مرآة اليد واليدُ، التي تصنع القهوة تُشيع نوعية النفس التي تحركها وهكذا، فالقهوة هي القراءةُ العلنية لكتاب النفس المفتوح، والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار). فمن منشئها النباتي الصرف وغير المصنع كالمنبهات الأخرى، تبقى القهوة من مصادر التنبيه الآمن، حيث أشارت البحوث العلمية الواسعة لدراسة العلاقة بين استهلاك القهوة والحالات الطبية المتعددة، واتفقت جميع آراء المجتمع الطبي عموما، أن الاعتدال في شرب القهوة عند الأفراد الأصحاء سيكون ضرورياً، أو مفيداً على أقل تقدير. لا شك أن رفاق محمود درويش ومن يشاركونه فلسفته وعشقه للقهوة كثرٌ حول العالم، تتنوع مشاربهم وأهواؤهم ما بين القهوة العربية المرّة المميزة، إلى القهوة التركية، ومن ثم قهوة الموكّا الإيطالية الشهيرة، والتي وصلت من اليمن من ميناء المخا الشهير منذ مئات السنين للشواطئ الأوربية، فكانت الملهم والمحفز لهم لإبداع مقاهي ستاربكس الأمريكية، وتيم هورتينز الكندية، وكوستا البريطانية، ونيرو الإيطالية، والتي أصبحت فروعها في كل أنحاء العالم مصدراً لتوفير كوب من القهوة يبدد ما تراكم من عتمة الليل على جدار الروح، إيذاناً بفجرٍ جديد. طبيب أسنان