الجمعة - 10 مايو 2024
الجمعة - 10 مايو 2024

أعدت بناء العالم

نُشر نصٌ من إحدى قصص الكاتب البرازيلي باولو كويلو «كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة، لكن ابنه الصغير لم يكف عن مضايقته، وحين تعب منه، قام بقطع ورقة صغيرة في الصحيفة كانت تحوي خريطة العالم ومزقها إلى قطع صغيرة وقدمها لابنه وطلب منه إعادة تجميع الخريطة. عاد ليقرأ صحيفته، ظاناً أن الطفل سيبقى مشغولاً لبقية اليوم، إلا أنه لم تمر خمس عشرة دقيقة حتى عاد الابن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة، فتساءل الأب مذهولاً: هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا؟! رد الطفل: لا، لكن كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة، وعندما أعدت بناء الإنسان أعدت بناء العالم». من يبني من؟ هل الإنسان يعيد بناء العالم، أم أن العالم هو من يبني الإنسان؟ أولئك الذين هُيئت لهم جميع الظروف المواتية والمناسبة منذ أول طريقهم وكان عالمهم رائعاً منذ البداية، بالتأكيد سيصلون إلى وجهتهم بطريقة أسهل وأسرع وأكثر راحة وسلاسة، لا شك في ذلك، لكن هل هذا يعني أن على أولئك الذين عاكستهم بيئتهم أن يخنعوا ويقبعوا في أماكنهم؟ «عندما تتخطى مرحلة صعبة من حياتك، أكمل الحياة باعتبارك ناجياً وليس ضحية»، عبارة تصف باختصار سبب عدم بناء الإنسان لعالمه، ذلك أنه استسلم منذ البداية أن يكمل بناء «نفسه». أن تلوم، أن تعلق سبب فشلك على الآخرين، أمر سهل ومريح جداً، أما أن تقاوم، أن تنهض، أن تتخطى جميع العوائق التي وقفت أو ما زالت تقف في وجهك لبناء «نفسك» والتوجه لعالمك، أمر صعب. هناك إنسان يعيد بناء نفسه، بناء الإنسان، وبناء العالم، وإنسان آخر لا يبرح مضجعه، لكن الأسوأ هو الإنسان الذي يمسك معوله في وجه أولئك الذين يبنون. [email protected]