الجمعة - 10 مايو 2024
الجمعة - 10 مايو 2024

ضبط الفتاوى

ما قبل العصر الرقمي والفضاءات المفتوحة، وفي زمن جلود الماعز وأوراق البردى، كانت الفتوى الشرعية تصل إلى الشخص المعني فقط، وربما تتجاوزه إلى عائلته وبعض المقربين في أحسن الأحوال، أما الكارثة الكبرى اليوم فإن أي فتوى يطلقها عالم أو متعالم تصل في لمح البصر إلى مئات الملايين من البشر، فتُبنى على فتواه قرارات، وتتحدد مصائر أشخاص، وربما تضع حداً لحياة آخرين أو تدمر أسرة أو مجتمعاً، ومن هنا فإن أخطر ما يواجه أمتنا الإسلامية هو تعدد منابر الإفتاء حتى أصبح كل من هب ودب يبني له منبراً إعلامياً إفتائياً، حتى اختنقنا بزحمة فتاو لم تأت في رسالة خاتم الأنبياء وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. لذلك حسناً فعلت قيادتنا الحكيمة التي فكرت وتدبرت، وقررت أن تنشئ «مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي» ليكون المنبر الوحيد والشرعي والمعتمد لينهل منه الناس مشورتهم وفتاويهم، في خطوة جديدة تؤكد وسطية الفكر الإماراتي واعتدال العقيدة، وسماحة الدين وسعة الرأي، وفسحة الأمل والتسامح التي تريدها قيادة دولة الإمارات في مسألة من أخطر المسائل التي تكوّن ثقافة المجتمع، وتحدد مساراته، ألا وهي الفتوى. لقد وضعت دولة الإمارات بمجلسها للإفتاء الشرعي الضوابط والمعايير الواجب اتباعها في إدارة خدمات الفتاوي الشرعية وحصرها في جهة رسمية معتمدة، وهذا يعني بالضرورة منع أي شخص أو مدعٍ للعلوم الشرعية الزائفة من الخروج على المنابر المشبوهة وبث السموم الهدامة، والأفكار المتطرفة. ولا شك في أنها قفزة جبارة ستعيد ثقة المسلم وغير المسلم بمناهل الدين الحق، دين الوسطية والاعتدال والتسامح والمحبة والسعة، ويحمي الناس من ضلالات المعتاشين على الفكر الموبوء، والرأي المتطرف، والمنهجية المدمرة، ومن هذا المنبر ندعو أنفسنا وكل من لديه لب وقلب سليم أن يتوخى الحذر أشد الحذر من أخذ الفتوى مهما كانت بسيطة من جهات لا نعلم مشاربها ولا مضاربها، ولا أهدافها. «مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي» نافذتنا الشرعية الوحيدة على ديننا السمح، ونحن جميعاً مسؤولون عن دعمه والتواصل مع علمائه وحدهم فقط. [email protected]