الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

استدراك على وصية بوكوفسكي

كتب تشارلز بوكوفسكي وصيّةً للذين يرغبون في الكتابة، أعتبرها وصية مهمة، وتضع المرء أمام مرآة تخبره إن كان يستحق أن يكون في فئة «الكتّاب» أم لا. كلما أرى انتشاراً لإصدارٍ جديد لكاتب ناشئ آثرَ أن ينشر تجربته قبل صقلها، بحماسة الشاب غير المنطقية، يأتي شيءٌ من وصيته في بالي، وأتمنى لو يتم عرضها عليهم قبل أن يسلكوا طريق الأدب الطويل الصعب، بكل هذا اليسر المرفوض. حمّى النشر متفشية، وبالمقابل تم تفشّي حمى الاقتناء من أجل الكاتب أو من أجل تصوير الكتاب فقط، وليقال للمقتني بأنه «قارئ» حتى وإن كان كل ما يقرأه هو روايات شابة، أو إصدارات ضعيفة أدبيّاً، أو فقط أغلفة الكتب. سأستدرك إذ ذا على وصية بوكوفسكي، وأقول على غرار قوله: إن كنت تكتب لكي يتم تصوير كتابتك مع باقة ورد وكوب قهوة لمواقع التواصل الاجتماعي، فلا تفعلها. إن كنت تكتب لكي تسمّى كاتباً فقط، فلا تفعلها. إن كنت تكتب لأنك حصلت على عدد لا بأس به من المتابعين على موقع تويتر، فلا تفعلها. إن كنت تكتب لكي تتم استضافتك في برنامج تلفزيوني أو إذاعي، فلا تفعلها. إن كنت تكتب لأن صديقك المقرب أخبرك بأن كتاباتك رائعة، وبأنها تستحق أن تكون في كتاب، فلا تفعلها. إن كنت تكتب لأنك تشعر برغبة كتابة رواية بعد قراءتك لرويات كثيرة على مدى سنوات، فلا تفعلها. إن كانت الكلمة تخرج منك بغرض الشهرة فقط، فلا تكتبها. الكتابة ليست ترفاً، وإنما تكليف وعناء، فإن لم تكن تشعر بهذا حين تقوم بهذه العملية الخالقة، فلا تفعلها. لا تقرأ للظلال، اعتنِ بقراءة الأعمال الممتازة، الأعمال التي احتفظت بخلودها رغم كل عوامل التعرية والتجوية الفكرية والمجتمعية، العمل الكتابي الكبير العظيم هو الذي سيعلمك أين موضعك، وإن كان ما تكتبه يسمى أدباً، فإن لم تعرض نفسك على تلك الأعمال بعد كتابتك وبالتالي نشرك لتجربتك، فلا تفعلها. [email protected]