السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

من أنا؟

مشاهدتي فيلماً قديماً لسعاد حسني، سألت فيه بعض الأسئلة الفلسفية للبطل (حسين فهمي)، من ضمنها: من أنت؟ مع أنه تم تعريفه في بداية الفيلم بأنه مخرج مسرحي. جعلتني أتساءل هل وظيفتنا هي التي تحدد هويتنا؟ ولو أردت أن أعرف نفسي، ماذا أقول عنها؟ أستاذة جامعية سابقة، أم ملحق ثقافي سابق، أم مدرسة بمدرسة سابقة! أم عالمة ومحللة سياسية حالية؟ فأنا الآن غير هؤلاء السابقين، وهذا لا يعني لأني بلا وظيفة فإني بلا هوية، فالوظيفة لم تحدد حياتي ولا هويتي، بل حددتها أمور أخرى منذ ولادتي، أولها تاريخ ميلادي، فأنا من مواليد مارس، وهذا الشهر الربيعي يضفي على مواليده البهجة، والطيبة المطلقة والمثالية والرومانسية، وتلفحهم شمسه الدافئة بشخصية قيادية، وهذه الصفات هي التي حددت هويتي الحالية، أهمها المثالية، لأني شخصية أطيع أي قانون، حتى قوانين أمي! فلقد كنت طفلة منضبطة في البيت، ومثابرة على الدراسة، لذلك كنت محببة في عائلتي، أو ربما لأني كنت طفلة محببة جعلني أرضيهم بنجاحي الدراسي وانضباطي وترتيبي. أمي كانت تقول عني إني عاشقة لنفسي، لأن أمشي وأتفقد ظلي، وأنا اليوم أرى أن تلك ميزة، فأول ما يحكم به الناس عليك هو مظهرك، ثم يأتي قولك وفعلك. في زمني لم أكتف بالشهادة الجامعية فالكل كان يحملها، فعملت لأحمل شهادة الدكتوراة، وهذا المسار لم يكن سهلاً لفتاة من رأس الخيمة. عدت من بريطانيا عالمة في الجيمورفولوجيا، وبعد حين صرت عالمة معروفة في الأوساط العلمية العالمية، لدرجة أن كل عالم يأتي للإمارات يسأل عني، كما صرت أديبة معروفة على المستوى المحلي، فرومانسيتي جعلتني أكتب خواطر في الحب، وخيالي الواسع جعلني أكتب قصصاً من الواقع يلامسها شيء من الخيال. ظننت أني سأتبع هذا المسار للأبد، لكن الأمور تبدلت بعد أن تقاعدت من جامعة الإمارات، فبدل العكوف على أبحاثي العلمية، وجدتني أنخرط في الأعمال الإنسانية، فمن وجهة نظري المستوى الإنساني للبشر حق من حقوقهم، وحين دخلت في مسألة حقوق الإنسان وجدتني انخرط في السياسة، ومنها وجدتني أبحث في أسباب ومسببات الأمور في الوطن العربي برمته، لأنه لمعرفة الصورة الصغيرة لما يحدث في الإمارات، يجب أن تفهم الصورة الكبيرة للوطن العربي، هذا أولاً، وثانياً مثاليتي جعلتني أدين بالولاء لكل الوطن العربي من الخليج للمحيط، والخوف على أرضه وأبنائه. [email protected]