الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مراوحات حول الحافة

شاهدت، أخيراً وللمرة الثانية، وثائقياً حول مسيرة ستيفن سبيلبرغ المخرج الهوليودي الأشهر ربما، وأتذكر أنني في المرة الأولى، اختلفت نظرتي تجاه سبيلبرغ، كنت أنظر إليه تجارياً فقط، لكن الوثائقي الذي يأخذك على مدى خمسين عاماً هي مسيرة سبيلبرغ المستمرة، يجعلك ترى تنوعه وتفاصيل ما عمل عليه، تطوره، النجاحات ثم الإخفاقات ثم النجاحات وهكذا. ما جذبني للمرة الثانية، هو حديث سبيلبرغ عن نفسه أنه كان يقول إنه يتذكر أن ناقدة وصفت مجمل أعماله مرة، بأنه ليس هناك عمق فعلي خلف مجمل ما ينتجه، ربما الموجود هو ما على السطح فقط، كان الأمر لكأنها تحاول أن تلخص وصفها لسبيلبرغ بالمخرج السطحي، الذي لا ينظر لعمق ما بين يديه من إمكانيات ليحلّق بالعمل، وما أثار استغرابي بعدها هو عندما وجدت سبيلبرغ يوافقها قائلاً إنه يقول كل ما لديه فعلاً في كل مرة، وبأن كل فيلم قدمه حتى التي أخفق فيه كان هذا هو ولا أبعد، ولعل ما يجعله قابلاً للتطور باستمرار من فيلم لفيلم، هو أنه ينتهي ثم يبني من جديد فوق ما انتهى إليه بشكل أفضل. حديث سبيلبرغ أعادني لفكرة متقاطعة وإن على النقيض حول «توم هانكس» الممثل الذي شارك سبيلبرغ عدداً من أعماله، وأتذكر أنني في نقاش عابر حول «هانكس» مرة، وجدت أن «هانكس» يبدو دائماً كشخص يوشك على أن يقدم أداء رائعاً لكنه لا يفعل، دائماً أشعر بأن بإمكانه أن يعطي الدور طاقة أكبر لكنه لا يقدم على ذلك، لأجد وأنا أقرأ عنه مرة أن كثراً يرون أنه في ذلك الأمر تحديداً تكمن احترافية «هانكس»، هو الذي يجعلنا نعتقد بأنه يكاد دائماً يصل دون أن يصل، أو هو الذي يأخذنا إلى الحافة ويجعلنا في كل مرة نعتقد بأنه سيقفز، لكنه لا يفعل، ولذلك نحن نعود لنشاهده مرة أخرى، لعلنا نراه يصل أو يقفز فنصفق بحرارة. أظن أنه سيكون من الممتع لو نجمع بين هانكس وسبيلبرغ لنسألهما أي الأمرين أجدى.. أن تقفز في كل مرة وأنت تعلم أنك ستُبعث من جديد؟ أم أنك تعلق القفز دائماً ليبقى مصير من يتابعك متعلقاً بمصيرك؟ ولعل المتعة قد تتجذر أكثر لو أسقطنا السؤال ذاته على أنفسنا، عند وصولنا لحافة كل إنجاز، هل نقفز؟ أم ننتظر لنتركه معلقاً لنؤكد استحالة الكمال ولنواصل البحث؟! [email protected]