الجمعة - 10 مايو 2024
الجمعة - 10 مايو 2024

البرازيل وطن الأحلام

البرازيل وطن الأحلام، ذاك إحساس يحتويك أينما ذهبت في ساوباولو المدينة الأكبر والأقوى في الجمهورية الاتحادية، زيارة لمتحف الهجرة تكفي لمعرفة كيمياء تلك الأحلام التي راودت المهاجرين الأوائل ومن تلاهم من المهاجرين. البرازيل أكبر بلدان أمريكا الجنوبية، وثالث أكبر بلد في الأمريكتين وخامس أكبر دولة في العالم، سواء من حيث المساحة الجغرافية أو عدد السكان، وهي أكبر البلدان الناطقة بالبرتغالية في العالم، والوحيدة في الأمريكتين. للعرب حضور أنيق في ذلك البلد البعيد فمنذ فجر الهجرات كان العرب ضمن الأوائل الذين وفدوا إلى ذلك البلد البعيد جداً، ومن أشهر من هاجر إلى هناك الأخطل الصغير بشارة الخوري، فقد وجد الشاعر مأواه هناك وأبدع ما أبدع في ربوع الطبيعة البكر. لكن الأخطل الصغير لم يكن وحده الذي هاجر إلى هناك، فقد هاجر من العرب الكثير، وتشتهر كثير من العوائل المسلمة والمسيحية هناك الآن بأسمائها العربية مثل عائلة مراد ودرغام أو ضرغام والعرّه والزغبي، والخوري والحداد ومعلوف والطويل وغيرها الكثير. يحكي لي أحد العرب المواطنين هناك أن أكبر جراح للقلب في البرازيل كان عربياً، وللمفارقة فقد كانت وفاته بمرض القلب. الحضور الإسلامي كذلك يعد كبيراً ومتنامياً مع الزمن مع تنامي حب اللغة العربية باعتبارها من الروافد المهمة للغة البرازيلية في جذورها البرتغالية الأولى، فأول جمعية إسلامية تأسست عام 1928، أما أول مسجد فقد بني عام 1956، وكان المنبر الذي وضع في ذلك المسجد منبراً مميزاً جلب خصيصاً له من مصر برعاية الأزهر وهو ما زال موجوداً حتى الآن، وفي لمحة سريعة نلحظ أن سانباولو وحدها تحوز ما لا يقل عن 15 مسجداً. الملاحظة المهمة التي أرى بأنها لُب الوهج البرازيلي، أن البرازيليين رغم تعدد أعراقهم وألوانهم ودياناتهم وأهوائهم واتجاهاتهم جمعتهم اللغة وأضع تحت اللغة مليون خط، اللغة التي تحوي المشاعر والمعاني الجميلة والعلم والحكمة هي الوطن، الوطن الذي نخاطبه بلغته ويخاطبنا باللغة نفسها التي ارتضاها لنا وارتضيناها لأنفسنا حباً فيه. وهو ناقوس الخطر الذي يهددنا نحن، فبينما نحن نعتز بانتمائنا للإمارات العربية المتحدة التي يجب أن نفخر بلسانها العربي الجميل، فإن عدداً كبيراً من أبنائنا تحولوا للغة الإنجليزية فأصبحت الإنجليزية لغتهم الأولى في كل شيء؟ [email protected]