السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«غزيل فلة»

في مصر تحديداً هناك أغانٍ نعتبرها نحن أهل الخليج مصابة ببعض التفاهة، لكن الشعب المصري يعشقها ويحبها. وفي أي مكان تزوره على سبيل المثال في قاهرة المعز، تجد الشعب يتراقص على مثل هذه الأغاني، بل إنها لا تتوقف ليل نهار تسمعها في كل مكان، في كل حتة، في أي من الأعراس الشعبية أو حتى أعراس أبناء الطبقة الراقية. سألت سيدة مصرية لماذا مثل هذه الأغاني تحظى بشعبية كبيرة جداً؟ فأجابتني لأن مثل هذه الأغاني تتناسب مع رغبة الشعب في الفرح، وخصوصاً أن الألحان منتقاة بحيث تتناسب مع طاقة الفرح التي يحب أن يعيشها المصريون. الأهم من ذلك أن الجميع يتفق على قبولها، في حين يرفضها قلة قليلة، ولكن ذلك لا يهم، طالما أنها تجلب الفرح والدهشة واللذة والرغبة في الرقص. في بعض مجتمعاتنا تظهر الأغاني التي تتسم بنوع من الجفاء والقسوة، تصل إلى حد أن المطربة حينما تغني تتمنى، وهذا أمر يثير الضحك، أن تقتل حبيبها، أو تهدده بإثارة غيرته، بل وخيانته بشكل علني. الغريب أن البعض يستمتع بذلك!! لقد حاول بعض المطربين العراقيين أن يضيفوا بعض الحب والولع، وقد وجدت رواجاً واسعاً، لكن تبقى الأغنية الشعبية في الخليج طي الكتمان، يهرب منها المستمعون، يخشى من «البرستيج»، حتى ماتت الأغنية الشعبية ولم يعد لها وجود، رغم أن لدينا تراثاً هائلاً من الأغاني الشعبية، لكن لا أحد يجرؤ على أن يغامر بإعادتها، والسؤال هنا أين أغاني الفرح؟ لماذا اختفت؟ لماذا غابت عن المشهد الفني؟ ربما أغنية تتر المسلسل السعودي «العاصوف» حاولت أن تعيد الماضي، لكنها مليئة بالشجن والحزن، وذكرى لماضٍ قديم، نجحت على نطاق محدود. أذكر الأغنية «غزيلٍ فلة .. بدبي لاقاني .. امشط القذله .. سلمت وحياني قال اشبلاك مدله .. قلت ضاع برهاني أسبابه الكحله .. تسحر بالأعياني» لجابر جاسم، أغنية ساحرة وتملأ قلبي بذكريات جدي، يرحمه الله، وهو يستمع لها عبر الراديو ذي اللون البني، وقد كان يطرب لها، بل إن مشاعرة تتغير وتختلف ما أن يسمعها، لكن لا أحد حاول أن يعيدها، ويجعلنا نعيد أمجاد الأغنية الشعبية. نحن نعيش في الخليج عصر أغانٍ مليئة بالعطش والحرمان فقط لا غير. [email protected]