الاثنين - 13 مايو 2024
الاثنين - 13 مايو 2024

هنالك دوماً من يراقب

يقال في الأثر: من راقب الناس مات هماً، ويقول كاتب معاصر: لا شيء يجعلني كئيبا أكثر من رؤية الأغبياء سعداء. مراقبة الناس عادة بغيضة، تجلب الهم للمراقِب، والنفور للمراقَب، وما أكثر من يتصفون بهذه الصفة، حتى لتشكل مع مرور الأيام هاجساً وإدماناً لا يمكن التخلص منه بسهولة، ولا نستطيع أن ننكر دور التكنولوجيا وأدواتها في تسهيل الفرص أمام المراقبين المترصدين للآخرين، إذ يمكنهم بسهولة أن يختبئوا ويتواروا، والطرق كثيرة لسنا بصدد الحديث عن آلياتها. لكن، ومع ذلك فإن المراقبة بحد ذاتها ليست كلها سيئة وليست كلها مذمومة. بعض المراقبة دليل على التفكير السليم، إذا ارتبطت بالتحليل والنقد المنهجي، بعضها الآخر وسيلة المبدعين وأداتهم، ولولاها لما أمكنهم التميز ولا التفرد ولا إنتاج أعمال فذة، فالفنان الموهوب، من يراقب بتأنٍ، ويستفيد من مراقباته للأشياء والأشخاص والظواهر، ويعيد إنتاجها بأدواته مهما اختلفت، أما الكاتب الجيد فإن ملاحظته الدقيقة لما يجري حوله والتقاطه للدقائق، كنزه الذي يغرف منه، وهذا لا يتأتى إلا بالمراقبة الدقيقة والتتبع. المشكلة ليست في الأداة، إنما في طريقة استخدامها. [email protected]