السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

ترشيد

عندما تَطرُقُ كلمةُ «ترشيد» بابَ الأُذن؛ ينصرفُ التفكيرُ إلى ما اعتَدْنا عليهِ في سُلوكِ الترشيد، وهو ترشيد الماء والغذاء والكَهرباء، ومع أهمية الترشيد فيما ذُكر، إلاّ أنّ مفهومَه أَوْسَعُ مجالاً وأَعْظَم شأناً، هذا، بطبيعةِ الحَال، لمن اتسعَتْ مَداركُه؛ فرأى المشهَدَ بجلاءٍ تام، ووضَعَ الأمورَ في نِصَابِها، وأَنصَفَ نفْسَهُ مِن نفْسِه. يُزرَعُ مبدأُ الترشيدِ في عقلِ الطفلِ منذُ سِنٍّ مُبَكّرة، حتى قبلَ أن يلتحقَ بالمدرَسة، ويتعلّم مِن والديه أنّ المحافظة - قَدْر الإمكان ـ على نظافة ثيابه وسلامة ألعابه نوعٌ مِن الترشيد، وأنّ السهرَ يضرّ بصحّته وتحصيلهِ الدراسي؛ فيذهب إلى سَريره للنومِ باكراً، ويَتناول ما يفيده مِن الطعامِ لينمو جسمُه ويقوى. في مرحلة المراهَقة والشبَاب يكتسبُ الفتيانُ والفتياتُ مهارةَ ترشيد الأوقات واغتنامها فيما يُحقق لهم السرورَ غير الضار والفائدةَ المستمرة، ويختارون الرفقةَ الطيّبة؛ فيُمارسون ترشيداً واعياً حين يتجنبون مصاحبةَ الأشرار، ويتخلّون بإرادتهم عن مرافقة سُرّاقِ الوقتِ ولُصوصِ المشاعر وأصحابِ المصالح العابِرة، ويجدّدون أفكارَهم باتجاه ما يَرتقي بِأخلاقهم، ويَرفعُ شأنَ أُسرِهم وأوطانِهم. يا رفيق الفكرة، إنّ العُمرَ قصيرٌ ولَو طال؛ لذا كانَ لزاماً أن نجعلَ الترشيدَ ضِمنَ المبادئ الأسَاسيّة لحياتِنا، ونُوثّقَ علاقتَنا بالله تعالَى، وننشغلَ بإصلاحِ أَحوالِنا، وتَهذيبِ أَخلاقِنا، ونتركَ الناسَ في حالهِم، ونَحرصَ على ترشيد أوقاتنا ومكتسَباتِنا الماليّة والبَدنيّة، ونَصرفَها فيما يَجلبُ لنا السعادةَ الحقيقية، ويمنحُنا القوةَ لمواجهةِ ظُروفِ الحيَاةِ المتغيّرة. [email protected]