الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

إسعاد كبار السن

في أول خروجنا للحياة ننبهر من كل شيء حولنا، بعدها فجأة ينطفئ هذا الانبهار، فنحاول أن نعيش أكثر من حياة متنوعة ومقلقة وصعبة وقاسية، ونتمنى لها أن تتجاوزنا للحد الذي لا نريده، ولكن ذلك لا يعني لنا شيئاً ألبتة، القسوة تدفعنا لاكتشاف أنفسنا من جديد، ونحن نريد من الحياة كل شيء، حتى إن بعضنا لا يرى في مفهوم الأسرة أو العائلة أي انتماء في فترة انتقالية من عمره، عكس ذلك فهو يرى في حبيبته كل شيء يريده، وربما في كل مرة يلتقي بها يراها بشكل مختلف، ليس لديه صورة ثابتة أو دائمة، وفجأة حينما يغيب الموت أحداً من أفراد أسرته لأي سبب كان، هنا تترهل الحياة الطائشة أمام عينيه، يموت كل شيء، حتى صورة الحبيبة التي كانت تمده بسر الحياة، يبدأ في الركض بعيداً عنها، غير عابئ بما قد يخسره جراء ما فعل. وقد سبق أن عشت كل تلك المراحل، الخوف والوحدة والملل وممارسة الجري للقبض على لحظة حب، فقداني لوالدي قبل عامين، يرحمه الله، فجأة من دون أن أقصد انطفأت الحياة بداخلي، ليس هناك صورة مطلقة للأب، فكل أب هو كيان خاص بذاته، ولا يمكن مقارنته بسواه، يمكننا أن نقول إن الآباء جميعهم هم تجاربنا نحو الحياة الأولى والأخيرة، هم الحياة والمسؤولية والحب والنجاح، إنهم كيان مستقل يتكامل في أحاسيسنا الداخلية. لذلك حينما كنت في زيارة للإمارات، لفت انتباهي منشور في أحد المحال، وجدت صورة المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو يبتسم كعادته ملاطفاً أحداً من كبار السن من شعبه الكريم، تطلعت طويلاً إلى الصورة، ووجدت أن الصورة قد استُخدمت للإعلان عن مبادرة إسعاد كبار السن، كان الأمر في غاية السهولة تذكرت والدي سريعاً، ودخلت السوبرماركت وسألت عن كيفية التبرع، وسألني «الكاشير» كم تريدين مقدار التبرع، أخبرته وأعطاني الرصيد. يجب علينا أن نسهم في منح الحياة المثالية لكبار السن. رحم الله الشيخ زايد رائد الإنسانية. وشكراً على المبادرة المذهلة والقيمة. [email protected]