السبت - 11 مايو 2024
السبت - 11 مايو 2024

لباقة وبهدلة

كُثُر يفتقدون لوجبة اللباقة، لذا الكثير يشعر بجوعٍ للتقدير. الغنيون بكامل الدسم «الأخلاق»، هم من يحملون صفات الفطرة التي تغذي حاملها بمعانٍ سامية وفكرة راقية وثقافة عالية وحس مرهف وتقدير غير مسرف، فمن تلوث بفطريات مُعدية سببتها عوامل التعرية الدنيئة، كالشجع والطمع والغرور والكِبر والقسوة، نجده تجرَّد من صفات أهل الشيم وأخلاق الإنسان على وجه العموم. اللباقة فن، لذا لا يدركها الطارئين على نعمة مستحدثة، أو الحاصلين على مكانة هي أعلى من دناءتهم، لذا كان القَدَر أن يسمع لتذمر أصحاب العزم والهمم والإنتاج والمهارة، لأن هناك من لا يشكر لهم فضل أو يطبطب على أكتافهم عرفاناً، وترجمة لأرقى معاني التقدير. كثيرون من يصعدون السلم العالي بفضل آخرين مهنيين، يفكرون ويسهرون ويكتبون ويُهيئون بدلاً عنهم لأنهم أهل خبرة ومهنة، وعلى طبق من ذهب يأتي الذي لم يتهجأ حتى الأبجديات ويأكل ما حواه، فقد زاملت وغيري من اعتبر عملنا لأجل الكلمة «فضل» و«مِنَّة»، لمجرد أن هناك مقابلاً شهريّاً، فهل يدرك هذا وغيره أن النجاح هو توأم الحب؟، وأن بين الحبيب والحبيب «غزل لبق ورومانسية مُقدَّرة»؟ فن البهدلة: تعني التدني في إسفاف النفس لغرض التكسب. التنافس البذيء كما أُعَرِّفُهُ، أي بأن يخرج الشخص عن قالبه الطبيعي لكي يخلق له لوناً لا يمت لشخصيته بصلة، كي يبحث من خلاله عن صيت ونجومية وشهرة ومال حتى لو على حساب العقل والمنطق والفطرة وحتى الأخلاق. البهدلة الشخصية نجدها في المنزل والحي وبين أعمدة المسجد وفي صروح التعليم وأماكن العمل، وكذلك في مجالات الفن وغيرها ..إلخ. كما أن أشرس «فن البهدلة»، الإسفاف بدخول عالم «وسائل الرقميات» من تطبيقات التواصل الاجتماعي، هي حالة مرضية خطيرة اجتاحت البعض، فضرب بكل أنواع الأخلاق عرض الحائط، وكذلك ما يبدعه من هوايات وأفكار نيرة، لغرض الوصول السريع حتى ولو في أرذل حال. قد يصل البعض لمراده، لكن يبقى فقاعة صابون ويختفي لاحقاً، وهناك أسماء كُثُر في ذلك العالم، اختفوا بعد أسبوع وبعضهم بعد شهر وآخرون بعد سنة، والبعض الآخر أكثر، وهناك من استدرك أمره. في نهاية المطاف، ستكون البهدلة وصمة عار في تاريخ صاحبها، ومن المؤكد أنها ستؤلمه فيما بعد «إن أمسى عاقلاً». [email protected]