الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

نسخ ولصق!

أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي لمختلف الأشخاص من متخصصين وغير متخصصين أن يقوموا بإنشاء شبكات وحسابات إخبارية وإعلامية، بتكلفة زهيدة جداً وبإمكانات وأدوات سهلة ومتوفرة الجميع، وبقدر ما للموضوع من إيجابيات وفوائد هناك أيضاً سلبيات ومآخذ، فحين تنشأ حساباً إخبارياً أنت مُطالبٌ بإضافة الجديد، مطالبٌ بالاجتهاد والتحرك ميدانياً لالتقاط أخبارٍ جديدة وتحقيق سبقٍ صحفي، مطالبٌ كذلك بالإبداع وتقديم محتوى مميز وملفت للأنظار يثري تجربة المتابِعين، أما أن تكتفي بالنسخ واللصق من وسائل الإعلام الرسمية مع إضافة شعار الشبكة فأنت في الحقيقة لم تنجز شيئاً، بل أصبحت عبئاً على الساحة الإعلامية والإخبارية. هناك اليوم الكثير من الشبكات والحسابات الإخبارية التي نجحت وأثبتت وجودها، وبعضها يتفوق أحياناً على وسائل رسمية من حيث سرعة نشر الخبر، ومن حيث امتلاك أخبار وتقارير حصرية، وأيضاً من خلال تقديم مواد ومقاطع إبداعية تجذب المتابِع وتثري تجربته، لكن في المقابل توجد عشرات الحسابات والشبكات التي تتبع منهجية النسخ واللصق في نشر الأخبار، وهي بذلك لا تمثل أي إضافة تذكر، وبالتالي تصبح لدينا «تخمة» في عدد الحسابات غير ذات الجدوى، وهنا نحن أمام حاجة ملحة لتدخلٍ من المجلس الوطني للإعلام، بصفته الجهة المنظمة والمراقبة لكل الأنشطة الإعلامية في الدولة، لا بد أن يتم إيقاف هذه الحسابات وعدم منحها الترخيص إلا بشروط محددة تضمن المهنية والاحترافية، وذلك من أجل إتاحة الفرصة حصراً للمجتهدين من أجل الظهور والانتشار الذي يستحقونه. وبالمنطق لا يصح أن نساوي بين شبكة إخبارية مرخصة ولديها خطط واضحة وفريق عمل احترافي ومنظومة عمل «متعوب عليها» مع شبكة أخرى يديرها شخص واحد بالطريقة التي ذكرناها، وبالمناسبة قد يقول قائل أن هذا فضاء مفتوح، والأفضل أن نترك الجميع يعمل ثم للجمهور التقييم والفرز، والحساب الجيد سيثبت نفسه، وأنا أتفق مع هذا الكلام جزئياً، لكننا في بلد منظمة وتحكمها قوانين ومؤسسات هدفها المصلحة العامة والارتقاء بمعايير العمل والنشاط، وعلى جانبٍ آخر عندما يتم منح تراخيص لهذه الشبكات، لاشك أن المعايير سترتفع، وسيحصل القائمون على هذه الشبكات على فرص متميزة للتدريب وتطوير المهارات، وفي النهاية يستفيد المتابِع من ارتقاء مستوى هذه الشبكات، وتقديم محتوى يرضي ذائقته ويخدم احتياجاته ومتطلباته. [email protected]