الجمعة - 10 مايو 2024
الجمعة - 10 مايو 2024

حركات بهلوانية دونية

بعد أن أخذت قسطاً من الراحة في يوم عطلة أسبوعية، فتحت نافذتي وفوجئت بشاب وفتاة ليسا من جلدتنا العربية، وعلى مرآى من المارة تقوم تلك الفتاة بحركات رياضية بهلوانية دونية وكأنها في صالة ألعاب ولسان حالها يقول «أنا لها يا شباب» .. دهشت بادئ ذي بدء مما رأيت، وما شاهدت واستغربت مما وقعت عيناي عليه، وتذكرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله تعالى عنه «يَا عَلِيُّ لا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ» رواه الترمذي وصححه الألباني. نعم يبدو أن الفتاة استمرت بالقيام بتلك الحركات البهلوانية، ويبدو أنها لم تكترث بالمارة ونظراتهم. بلى وبلوى، مناظر تشمئز وتتقزز منها النفوس، وتقود الشباب اليافعين إلى الالتفات والنظر والهيام بتلكم الهفوات سواء عن قصد أو عن طريق المصادفة. أمور كثيرة تضرب بعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة عرض الحائط، ويكون لها وقع سيئ على شبابنا وفتياتنا مخافة التقليد الأعمى ومحاولة محاكاة شيء من هذا. علاوة على ذلك، فهي مشاهد لا تتناسب مع الرقي الحضاري سواء من حيث الشكل أو الذوق العام لدى كافة الشعوب، فترى وأنت في مصعد البناية شباباً بسلاسل معدنية تطوق أعناقهم، وتغلف آذانهم سماعات، وتراهم يتراقصون أمام الملأ غير عابئين بمن حولهم ومن بجانبهم. والأدهى من هذا أنك ترى بعضهم قد ارتدى سروالاً قصيراً وكأنه على موعد مع مباراة كروية أكروباتية لا بد من ولوج ردهاتها، وفي حقيقته ما هو إلا منظر مضحك مزرٍ ولا يصلح لباسه إلا لسيرك كي يثير إعجاب وضحكات الجمهور. حقيقة لا أدري من أين تلك المسارات تأتي وتتكون في مجتمعاتنا ولا نجد لها حلولاً. إن الذوق العام والمتعارف عليه في جميع المجتمعات الحضارية في القريب أو البعيد، يعطي للإنسان الفرد حرية اللباس والولوج في حركة الحياة طبقاً للفطرة الإنسانية التي فطر الله سبحانه وتعالى المخلوقات عليها، وكل من يستقبح تلك الأشكال سواء أكانت مجموعة أو أقل منها فهي حقاً مستقبحة لأن الفطرة تتماشى مع الحياة النقية التي لا تخدش الحياء أو تجترح أمراً غريباً يشمئز منه الشجر والحجر والبشر. ولعل المثل العربي الشهير «كُلْ ما يعجبك، والبس ما يعجب الناس» المقصود به أن الإنسان الفرد ينبغي عليه أن يتناسب ملبسه وهندامه مع ستر الجسم والجسد بما يليق بكونه إنساناً آدمياً مخلوقاً كي يكون له حراك إيجابي في هذه الحياة ويتناسب مع فطرة المعيشة الظاهرة والباطنة دون غلو أو إسراف ويضع نصب عينيه إرضاء الله سبحانه وتعالى، كون إرضاء الناس لا يمكن تحقيقه.