الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

البيروقراطية السمجة

هناك مجموعة معاملات مستعجلة مطلوب استعجالها إلى مكتب المدير، ونظراً لانشغال المراسل في عمل ما، اضطر المسؤول الإداري أن يحملها بنفسه، وما إن دخل على الحاجب بابتسامة من ثنايا الانغماس في الإنجاز والتفرس في الملفات والانضباط بالمواعيد، حتى تغير لون الحاجب وكاد يشيح بوجهه، وانفلتت منه كلمات (طنّت) بمسمع المسؤول الإداري: هذه أعمال صغيرة هامشية ينبغي أن يحملها ويحضرها العاملون من مراسلين وفراشين وما يشكلهم .. أنت أنت مسؤول مهم وله خبرة وباع طويل في الأعمال الإدارية التنظيمية كافة. بدبلوماسية عملية منهجية علمية وعملية ميدانية عينية جاءت الإجابة إلى الحاجب، العمل إنجاز وسعادة عطاء، مسؤولية إنجاز، شغف، انسجام، تودد لا محاباة لا مناورة .. لا مناكفة. إنها أمانة وتحمل أعباء العمل مهما كبر حجمه أو صغر مكانه. نعم الجميع في العمل والإنجاز كلهم سواء في سبيل المصلحة العامة. المراسل يجد ويجتهد، وكذا الذي يصب القهوة ويقدم الشاي الساخن الأحمر ينجز عملاً، في مصداقية، نعم له مكانه وصداقته بين العاملين والموظفين، ويا صاحبي يبدو لي عدم معرفتك كيفية الارتقاء بالأعمال. ألا تعلم أيها الحاجب يا من على عينيه غشاوة أن كثيراً من المديرين في إدارات ومنشآت خاصة وعامة وحكومية قد تناوبوا مع موظفيهم استلام المعاملات وتجهيزها، وكانوا في مقدمة الخطوط الأمامية، حتى تراءى لجميع المراجعين أن «الروتين والبيروقراطية تتدحرج من بين أيديهم ». هم موظفون وهم المديرون والإداريون وفي موقع المسؤولية والأمانة.. لهم خبرة وباع، نهجوا تلك المفاهيم العملية الميدانية كي يتلمسوا الأطر كافة في كيفية استلام ومسار المعاملة كي تكون في المحك الصحيح والمسار السليم، وكي يستنبطوا الأحكام ويضيفوا إلى حراكهم العملي العلمي الجديد من أجل الارتقاء في الأعمال على اختلافها وتنوعها. وبذلك قد أسقطوا من هالات أسقف الضبابية الرمادية التي ترى الأبيض أسود والبنفسج شوكاً يابساً .. وتلمسوا واستشعروا بأم أعينهم كم كان البون شاسعاً في دورات الروتين المعقدة في بيروقراطية باردة جامدة سمجة. إنها مسارات تعطل الأعمال وتذوي بالخبرات وتتكبد الشركات والمؤسسات خسائر جراء الجمود والروتين الممل المعقد، أجل هؤلاء القادة والإداريون التنفيذيون نشد على أيديهم ونبارك في ثقافتهم العصرية، كونهم نبذوا من قواميسهم وحيواتهم وحراكهم العملي الوظيفي البيروقراطية السمجة التي كانت تعصف في شتى المنشآت والبنوك والمكاتب على اختلاف إداراتها ومدلولها. إنه الانخراط والاندماج في معية الجد، كي تتضافر الجهود كافة وتبني جيلاً عاملاً نشطاً متحفزاً، يسعد بالعمل والإنجاز مهما صغر أو كبر.