الاحد - 12 مايو 2024
الاحد - 12 مايو 2024

الحوار الهادئ

كنتُ أشاهد أحد البرامج وكان الحوار هادئاً بين الضيفين بحضور المذيع الذي بدأ في تقديم بعض الآراء حول الأحداث الحالية، حتى اتجه الحوار إلى سؤال محدد يحتاج إجابة قاطعة، واختلف الضيفان ثم تفجر النقاش واسعاً بينهما، وتحوّل إلى مباراة كلامية، ثم تطور إلى اتهامات مُغلفة بأسلوب الأسئلة، حتى طلب المذيع الخروج التوقف مع فاصل إعلاني من أجل تهدئة الأمور، وعدم تطورها إلى مشاجرة على الهواء مباشرة. لماذا تتحول هذه المناظرات إلى منحنى آخر غريب وسيئ؟ لماذا لا توجد لدينا القدرة على تقَبل الآخرين؟ فكل واحد منا له قناعات داخلية أتت من ظروف شخصية تعرض لها بجانب مستواه الثقافي والتعليمي .. وكل هذا يكوِّن فكره الخاص الذي يحكم به على الأمور، ويرتبط ارتباطاً تاماً بالمصلحة التي قد تكون مصلحة عامة، مثل مصلحة الوطن والدين مثلاً، فتعطيك رأياً معيناً .. وقد تكون مصلحة خاصة مثل الانتماء لجماعة معينة فتعطيك رأياً آخر تماماً. ولكن لابد أن يكون هناك جانب اتفاق منطقي لا نختلف عليه، وهو مصلحة الوطن .. وهذا ما ترسخه الدول الكبرى بداية من الصف الدراسي الأول. هذا القاسم المشترك هو الذي يحمي الأفراد من الدخول في صراع مدمر تكون حصيلته خسارة الجميع، فالتعصب هو الخطر الأكبر الذي ينهش في نسيج البناء الداخلي للوطن، ويبدأ بسيطاً ولكنه ينتشر كالسرطان، والقضاء عليه يحتاج تنمية ثقافية ورياضية وفنية.