الثلاثاء - 14 مايو 2024
الثلاثاء - 14 مايو 2024

إجازة الربيع

انتهت واحدة من أقسى فترات الحياة على الطالب وأسرته. انتهت فترة الطوارئ التي أعلنتها الأسرة خلال اختبارات الفصل الأول. لقد حلت علينا الإجازة ومعها أجواء طيبة باردة في غمرة احتفالاتنا باليوم الوطني حيث لازالت النفوس منتشية بذلك اليوم المجيد، فأهلاً بها وبمن معها. جاءت الإجازة قبيل الربيع، والربيع هو بأجوائها الباردة بعد أمطار الخير التي نزلت علينا، فما أجمل أرضك ورملك وما أبهى حلتك ياوطني! أخي القارئ، هيا نصنع ما قال الشاعر، خرجنا عندما جاء الربيع، وأقمنا خياماً في الفضاء، حولنا العشب على الرمل البديع، وطيور البر تسعى في الهواء. قدمت الإجازة وقدم إلينا الربيع فأهلاً به وبصحبه من الأيام الجميلة والليالي الباردة. قدمت الإجازة والربيع برفقتها، في إجازة طويلة تمتد إلى ثلاثة أسابيع، فهل نحن لها جاهزون وماذا نحن بها صانعون؟. نعم يحل علينا الربيع هذا العام في أوانه، لا كما افتتح الشاعر جبران خليل جبران قصيدته وفد الربيع إليك قبل أوانه، يهدي حلى جناته الفيحاء، والتي اختتمها ببيت أجمل مما افتتح فيه يوم قال: هل في يد الدهقان أبهج زينة من زينة البستان للعذراء. نعم، لقد حل علينا الربيع، فكم من الأمنيات والأحلام حملناها من العام الماضي، ولم يسعفنا الوقت للقيام بها وتحقيقها مثل سفرة أو طلعة أو نزهة داخل الدولة وخارجها. جاءنا الربيع اليوم ونحن نملك وقتنا وإرادتنا وصحتنا، فهل نحن مستعدون هذا العام للوفاء بوعود قطعناها العام الماضي لأنفسنا أو لأطفالنا أو لأزواجنا. نعم يجيء الربيع كل عام ضاحكاً ليغسل هموم الحياة ومتاعبها. يجيء هذا العام ككل عام ويذهب. يجيء هذا العام وها نحن في أوله بعد مطر طيب أصاب أراضينا فأنبتت عشباً وورداً وزهراً كأنه وشي منمنم. جاء الربيع مبتسماً يناديك، ولكن يبدو أن هناك بشراً قد صمت آذانها فلم تسمع نداء الربيع لتبقى حبيسة بين جدران المنزل، أو بين أجهزة الألعاب الإلكترونية في المراكز التجارية ومطاعمها. أدعوك أخي القارئ للتأمل في كلمات الشاعر يوم قال: أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً .. من الحسن حتى كاد أن يتكلما ومن شجر رد الربيع لباسه عليه كما نشّرت وشيـا منمنمـا أحل فأبدى للعيون بشاشة وكان قذى للعين إذ كـان محرما ورق نسيم الريح حتى حسبته .. يجيء بأنفاس الأحبة نُعّما أبعد هذا الوصف وصف يا سيدي، أو بعد هذه الدعوة تردد. هيا أخي القارئ، قم وانهض وابحث عن تلك الأماكن الجميلة فالإمارات كلها جميلة، ولكن فيها أماكن أكثر جمالاً من غيرها. الصحارى في الغربية تزينت، والجبال في الشرقية تجهزت وشواطئ البحار على طول ساحل الإمارات تنتظر أهلها أهل الإمارات وزوارها. بالتأكيد هناك من سافر، ففي السفر سبع فوائد بل أكثر. ولكن مهما كان السفر جميلاً، إلا أن في الإمارات روحاً أخرى تنادينا. ندعوك لترك النوم والكسل، حيث إن الإجازة في عرف بعض الناس هي توقف شبه كامل للحياة، وآخرون تعني لهم استجماماً مقنناً. الإجازة فرصة للاستجمام، فرصة لإعادة شحن الطاقة الروحية والجسدية، وهي فرصة للخلوة مع الذات ومع العائلة. الخلوة ضرورة للفرد ففيها إعادة التفكير والتجديد والإبداع والابتكار، وإيجاد الحلول وإعادة رسم المسار للحياة كلها. هذا ما صنعه القائد والمفكر وصاحب الرؤية الطموحة، صاحب كتاب «رؤيتي» وكتاب «ومضات من فكر»، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يوم أعلنها خلوة مع اقتراحات الناس لمناقشة القضايا الوطنية بشكل عام وأهمها قضايا الصحة والتعليم، والتي هي من أهم معايير التنمية البشرية حسب مقياس الأمم المتحدة. بالتأكيد لن يكون للإجازة معنى، ولن تحقق الفائدة المرجوة، وستكون مثلما مضى من إجازات وأيام خلت، إن تجاوزنا مبادئ التخطيط الجيد للحياة. إنها دعوة لممارسة التخطيط، فإن لم نخطط فسنعيش في مخططات الآخرين. نعم، فإنه في غياب خطة واضحة مبرمجة بالتاريخ واليوم والوقت والمكان والنشاط والاحتياجات ستصبح إجازتنا غير ذات فائدة وهي ستكون عبارة عن تكرار لروتين الأمس. ستصبح الإجازة بلا تخطيط كلها موت للنشاط والحيوية والطاقة الإيجابية. أتمنى ألا نعود بعد الإجازة كما يعود البعض للعمل مرهقين بأيام ثقال. إجازة سعيدة أتمناها لكم في ربوع وطننا الغالي، فدامت أفراحك ودمت يا وطن ودام الخليفة. [email protected]