الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

رسالة سامية

في الثاني عشر من مايو من كل عام يحتفي العالم بيوم التمريض العالمي، اليوم الذي يخصص للإشادة بهذه الفئة المعطاءة من الناس، فالتمريض ليس مهنة بحد ذاتها، أي ليس مهنة لكسب العيش فقط كالمهن التي تغادر بيتك من أجلها في الصباح الباكر وتعود إليه إما مساء أو عصراً، وتكون قد أنجزت ما فاتك من أوراق ومعاملات ربما تكون تراكمت على مكتبك، لا بل التمريض هو ذاك الفعل الإنساني اليومي المنقسم بين جماد وبشر، جماد متمثل بالأوراق والفحوصات وإحصائيات التغيير في جسد كل مريض، إنساني بين آهات بشرية وأوجاع تأخذ من روح الممرض وتفاعله ما تأخذ. كثير منا، وكثير في مجتمعنا لا يعون ماهية تلك المهنة السامية بحق أو بشكلها الحقيقي المنقسم كما أسلفت بين حي وميت، بين البشر والأوراق، فالبعض يدعون بأن التمريض مهنة سهلة تنصب فقط في خدمة المريض وأهله، تلك الصورة البائسة التي تقلل من شأن التمريض وتحجمه داخل إطار الخدمة فقط دفعت الكثير من أبناء الوطن، للتخلي عنها أو عدم الاتجاه نحوها من البدء. فالتمريض في الدولة مهنة تفتقر للكادر المحلي والمواطن بشكل كبير، فنسبة المواطنين في هذه المهنة لا تتعدى الخمسة في المئة من العاملين بها، وعزوف المواطن عن دراسة التمريض، ومن ثم العمل به له أسباب كثيرة منها كما أوضحت سابقاً النظرة الدونية التي يقع على عاتق المجتمع تغييرها، ومن ثم ربما الجزء الآخر المتعلق بالجانب المادي الذي لا يوازي الجهد المبذول في نظر البعض، فيهرب الكثير نحو مهام إدارية أقل جهداً وأكثر مادة. التمريض مهنة مبجلة تسمو بها الروح عن الذات، فالممرض كالشمعة المضيئة عطاؤه ليس لنفسه، بل لغيرة مثل كل مهنة إنسانية مبجلة، تماماً كالمعلم الذي يعلم الكبار والصغار، فإن الممرضين أو الممرضات هم أصحاب مهنة جبارة يتخلون بها عن ذواتهم ويشعرون فقط بالآخر، التمريض رسالة سامية للإنسانية. [email protected]