السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

باحثون عن السعادة

إن وُجدت أشرقت الدنيا، واخضرّت القلوب، وإن غابت تيبّست الابتسامات، وطارت البهجة، هي غاية الواحد منّا، نعمل لأجل الوصول إلى نشوتها، وننجح بتمني الحصول عليها، فكيف نصل إلى أحاسيس عصيّة على الرؤية، ضبابيّة الطريق؟ أرسل لي أحدهم سائلاً (كيف الوصول إلى السعادة؟)، ذاك الإنسان شكا تقوي الهموم عليه، والضياع في متاهة الحياة، يروي عن حرقة الحزن وشظايا الألم ووحدة الخاطر، خذلان الصديق وابتعاد الرفيق، يطلب حبال النجاة قبل أن تسحبه تيارات الألم نحوها، لكم منه كثير، وكم من الألسنة الصامتة التي أمامنا قد أتعبها الوصول إلى الإجابة. يا صديقي، السعادة خط مستقيم، هناك محطّات توقف نرتاح فيها ونشبع أنفسنا من وقود التشجيع النابع من أنفسنا، هناك عقبات خطرة لا بد من سلكها، لا توجد السجادات الحمراء إلا في الخيال، هناك هزات متوقعة ولكن من عاش لحظته لن يبالي بقدر خوفه، ومن ذاق حلاوة الإيمان لن يهاب حواجز الأقدار. الثقة كمصابيح النور تنثر في غرف الظلام فرح الضوء. قبل أيام، رحل روبن ويليامز الذي ترتبط الكثير من ذكريات الطفولة به، انتحاره يدلل على أن قمة السعادة لا تكمن أحياناً في صناعة ابتسامة الآخرين، لكن في معرفة السبيل لإضحاك قلبك، قد يجد الإنسان مفاتيح إسعاد الآخرين، ويقف يائساً أمام نفسه، تذكّر أن العبرة ليست في قيمة ما تفعله، لكن في معنى ذلك إلى نفسك، أبسط الأمور قد تُعتبر أعظم الأمور لك. إننا بحاجة في المجتمع إلى التوعية (بثقافة السعادة)، فالكثير من الطلاب يظنون أنها في الحصول على النسبة الفلانية، وبعض الموظفين يعتقد أنها توجد في المنصب والترقية، قابلت البعض منهم وهم لا يشتكون من شيء إلا من ضيق النفس رغم امتلاكهم كل ما يتمناه المرء، لا شيء مثل الاكتئاب يقلص الطاقات، ولأننا في مجتمع يحتاج إلى كل طاقته فمن المستحسن تنمية دور الرواد في هذا المجال، ممن اختصاصاتهم رفع منسوب التفاؤل لدى الناس، وممن لهم الدراية الكافية بمشاكلهم، وكيفية التعامل معها عبر مختلف الأدوات سواء المعنوية أو العملية، ففي غالب الوقت يفشل البعض ليس بسبب قدراتهم ولكن بسبب قناعتهم عن أنفسهم. السعادة كهويّتك، لن تجدها في الآخرين بل في نفسك، فمهما بحثت عنها في نفوسهم لن تكون إلا في دواخلك.