الأربعاء - 15 مايو 2024
الأربعاء - 15 مايو 2024

هرقل وأساطير البطل

شاهدت في دور العرض المحلية فيلماً للممثل الشهير بطل الملاكمة ذا روك بعنوان hercules وكان فيلماً جميلاً لعبت فيه المؤثرات الحركية دور البطولة وخصوصاً في مشاهد الحركة أو ما يتطلبه دور أسطوري مثل دور هرقل والمهمات الإعجازية وما بعد ذلك. ومضت أحداث الفيلم المشوق قرابة ساعتين كانت مليئة بالإثارة ومن ثم بالرسائل المبطنة. ورغم أن القصة تتحدث عن حكاية إغريقية قديمة تتعلق بالآلهة إلا أن المغزى الواضح منها مثله مثل مغزى الأفلام التي تتحدث عن الأبطال الخارقين كفيلم سلفتر ستالوني الذي جمع به العديد من النجوم أو أفلام أخرى مماثلة حتى ولو كانت البطولة الخارقة بها من غير صنف البشر، ومهما تعددت الأفلام واختلفت المشاهد إلا أن الناظر لها بعمق يدرك جلياً الرسالة التي يريد صناع السينما العالمية إيصالها لنا في زمن العولمة الحالي. إن الرسالة التي أرادها صناع السينما أن تصل هي تمجيد الجندي الأمريكي والثقافة الأمريكية وحتى اللكنة الإنجليزية الخاصة بهم. وبرغم أن الفيلم عن هرقل ابن الآلهة فبطل الفيلم بملامحه الأمريكية الفريدة ولكنته المميزة هو المخلّص والمنقذ للكون، وقوته التي ترمز إلى ثقافته هي ما يسيطر، فهم المعلمون في الحروب وهم سادة المعارك وهم من يكسبون الحرب دائماً، ولعل جملة الفنان الكبير ميل جيبسون كانت رائعة في ختام الفيلم الذي جمعه مع نخبة من أبطال الحرب عندما قال: لا أفهم كيف لا نستطيع قتل عشرة رجال، وكان محقاً فهؤلاء الجنود الأمريكيين لا يموتون أو هكذا المغزى. يذكرني هذا المعنى بحوار سبق لي أن أجريته مع مجموعة من طلابي حول فيلم الكابتن فيلبس للرائع توم هانكس حيث لم ينتبه الطلاب إلى أن القراصنة المسلمين كانوا في بداية الأمر ضحايا قبل أن يتحولوا لجناة وهذا شيء عميق لا يدركه إلا من يفهم ما بين السطور. إننا أمام تشكل متماسك ومستمر لثقافة جديدة لا تلقي بالاً للضحايا، وتصور الأبطال حتى ولو كانوا قطاعاً للطرق كمخلصين ومنقذين للعالم وأصحاب رسالة، ولو نظرنا لأرض الواقع من جميع الجهات لهالنا الموقف، ولا مسلك أمامنا سوى أن نتمنى لهذا العالم مزيداً من التعايش السلمي بعيداً عن المعارك، وبعيداً أيضاً عن بطولات تمجد طرفاً دون آخر وتساوي بين الجلاد والضحية، وبعيداً أيضاً عن الادعاءات الكاذبة لأفكار متطرفة، وللحديث بقية. [email protected]