الأربعاء - 15 مايو 2024
الأربعاء - 15 مايو 2024

التعاون للقضاء على الإرهاب

المصالح الخليجية هي أولوية لدى قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والتوافق بين تلك الدول يكون دائماً برداً وسلاماً على شعوب المنطقة، لقناعتهم بالمنظومة التي سعى لها المؤسسون بكل قوة لتكون صرحاً مهماً يجمع كل شعوب المنطقة في وحدة اندماجية عربية إسلامية، لذلك فقد تكللت جهود الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجهود القيادة السياسية في دولتنا ممثلة بصاحب السمو الوالد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، بالإضافة إلى الأشقاء في دول الخليج في تجاوز أزمة ردم قبل أن تتسع ليعود المجلس لمساره الطبيعي. وكما عودنا قادتنا فقد عملوا على تجاوز الخلافات والاتفاق على البدء في إجراءات توحيد السياسات الخليجية والمواقف السياسية المشتركة في الملفات كافة والالتفاف على كل ما يعكر صفو العلاقات بجميع أنواعها بين الدول المؤسسة لمجلس التعاون، وهذا بحد ذاته يعطي دفعة كبيرة جداً في إعادة مسار المجلس ليخدم تطلعات كل الدول دون نشاز أو شذوذ في المواقف لتعود وحدة الكلمة التي تعتبر من أهم عوامل نجاح أي تشكيل سياسي من هذا النوع. لقد قلتها سابقاً وبشكل واضح بأن مجلس التعاون كمثل سفينة تمخر عباب العالم وأي خرق في بدن هذه السفينة سيضر الجميع بلا استثناء وأن على من يعمل على زيادة رقعة الخرق سيغرق هو أولاً، وأن على الجميع بهذه السفينة أن يعملوا على منعه من أجل سلامة هذه السفينة ووصولها لبر الأمان في ظل الأمواج الصعبة التي يغرق بها العالم من حولنا، وتنامي قوى الإرهاب والحزبيات الدينية والسياسية والقوى العالمية الإقليمية المذهبية والخطر الواضح من بعض الأيديولوجيات السياسية الدينية والتي يتطلب عبورها وحدة الصف والمصير. إننا في منظومة مجلس التعاون أحوج ما نكون في هذه الظروف الدقيقة التي يعيشها واقعنا العربي والإقليمي والعالمي إلى الوحدة في الموقف والمصير الذي يجمعنا في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب بشتى أنواعه والذي أضحى قريباً منا بحيث نشعر بمدى صعوبة هذا الملف الذي يتطلب التنسيق التام والمتكامل من أجل القضاء عليه قبل أن يستفحل شره ليحرق الجميع، وما التنظيمات الإرهابية كداعش وغيرها إلا مثال بسيط على مدى الحاجة اليوم إلى رص الصفوف والاتحاد. إن قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، وليس بخاف على أحد، ولقد أوضحها وزير الخارجية الكويتي ولا يحتاج النهار إلى دليل .. كانت وما زالت مع توحد الصف وتكامل السياسات، وتعمل من أجل هموم الأمة العربية وتحارب التطرف والإرهاب بشتى صوره وأساليبه وتبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس من أجل تنقية الأجواء العربية الملبدة بغيوم التنظيمات والأحزاب والتطرف، وهذا مبعث فخر لنا جميعاً على هذه الأرض المباركة. ونعلم أننا في قارب واحد مع أشقائنا في مجلس التعاون، نحارب سوياً التطرف والإرهاب وهذه الأحزاب السياسية التي تتغطى بالدين وتتمسح به من أجل أن يعيش العرب في حالة حرب دائمة. لذلك فإن دولة الإمارات حريصة جداً على أن نتجاوز الخلافات وأن نبصر بالواقع وأن نتحد جميعاً بالسياسات حتى نستطيع أن نتغلب على هذه المعوقات للبقاء في ظل هذه التنمية المستدامة في شتى مجالات الحياة والتي يشهد لها القاصي والداني بالرقي والنضج. إن الناظر الآن إلى الملفات الإقليمية والعربية والعالمية وما أثمر عنه الربيع الدموي العربي يدرك حجم المخاطر التي تعترض طريقنا جميعاً، وإن من يذكي النار ستحرقه بالنهاية كما تحرق أشقاءه، وإن العقل والحكمة يتطلبان أن نكون في سرب واحد تحت قيادة سياسية حكيمة تعبر بنا هذه المشاكل لنصل إلى بر الأمان متجاوزين خصوماً يصعب مواجهتهم ونحن متفرقون، فالإرهاب لن نستطيع تجفيف منابعه إلا بوحدتنا وقوتنا جميعاً، لأنه يستقوي على الدول التي لا تملك القرار الصائب حتى ولو كانت ظاهرياً تسانده وتقف معه، فالإرهاب لا دين له ولا ذمة، وستطال ناره الجميع وعندها فلن ينفع الندم. وسبيل مواجهة الإرهاب بجميع أشكاله متوفرة في حالة أن كل عضو منا مارس دوره بتكاملية مع الأعضاء الآخرين كافة. العالم يتشكل على نحو جديد، والتكتلات القوية هي السبيل للبقاء، فلا ننخدع بالشعارات الحزبية وبربيع جاء ليدمر أكثر من أن يبني، ولا ننخدع بجماعات حزبية أياً كان نوعها، فقديماً قيل وما زال يقال في الأمثال: ما حك جلدك مثل ظفرك .. ونحن أبناء الخليج جميعاً قادرون على حماية مشروعنا التنموي الكبير ومنظومة مجلس التعاون، وعلينا دائماً أن نبقى كما وصى ذلك العربي أبناءه. هي فرصة وهي في الوقت نفسه رسالة، وهي الأمل في أن يعي الجميع ما تتطلبه المرحلة، وأن تمد الأيادي بشكلها الصحيح وقبل الأيادي القلوب، وعندها لن يفلح أمامنا تكتل إرهابي ولا تنظيمات دولية ولا حزبيات مغرضة. [email protected]