الأربعاء - 15 مايو 2024
الأربعاء - 15 مايو 2024

مجلس حكماء المسلمين لكل المسلمين

كنت مستمعاً جيداً لحوار دار بين مجموعة من الأقران حول قضية مهمة من قضايا المسلمين المهمة هذه الأيام وهي قضية التكفير والطائفية ورغم إيماني العميق بأن مثل هذه القضايا تحتاج إلى خبراء متخصصين بها وهي ليست متاحة لأمثالنا من العوام مع احترامي لنا جميعاً إلا أنني أستطيع أن أتناول جانباً مهماً منها وهو المعني بأمور الإقصاء بكافة صوره وأشكاله ومنه بلا شك الإقصاء الديني المذهبي مع غيرها من الأنواع. إن الإسلام كدين جاء بتعاليم جامعة لكل البشر ولم يوجه خطابه أبداً لفئة معينة أو بقعة جغرافية مجردة، ورغم اعتراف الجميع بعالمية هذا الدين إلا أن التراث الإسلامي بجميع مذاهبه غني جداً بكل المواد اللازمة لصناعة جيل متحيز لمذهبه وشيخه مخرجاً الآخرين من دائرة الحق حاصراً لها بأولئك الذين هم على نفس طريقته دون أن يرف له جفن أو حتى يدرك خطورة ما يفعل. إن هذا التعصب الكبير للمدارس الإسلامية المختلفة هو الداء التي يعاني منه العالم الإسلامي اليوم، ولا أستغرب بأن يخرج أحدهم مدرسة فقهية كاملة من دائرة السنة لمجرد اختلافها مع المدرسة التي ينتمي لها أو لنقل المتعصب لها بل هو مستعد للذهاب بعيداً ناحية مربع التكفير، وهو مربع خطير جداً كان ومازال سبباً رئيساً لتعاسة المسلمين اليوم وظهور الجماعات الإرهابية والمشبوهة، ويهاجم في الوقت ذاته قيام المتعصبين لتلك المدارس بإخراجه ومدرسته من دائرة الحق في تناقض عجيب جداً لا أفهم ماهيته أو يحيرني حتى التفكير به كحالة مستعصية على الفهم. إن حصر مفهوم الإسلام بالفرقة نفسها التي تعتقد أنها تمثل الحق دون استيعاب تلك الفرق الأخرى أو محاولة التقرب منها للوصول إلى تجانس صحيح يعيد بعض ما فقده العالم الإسلامي من قيم هو البوابة الحقيقية التي تصنع الجماعات التكفيرية والإرهابية وكذلك هو المحرك الأساسي لآلة القتل الطائفية والمذهبية التي يكتوي بها الجميع سواء أهل الحق أو المخالفين لهم والتي نراها رؤيا العين في كل بقعة من بقاع العالم الإسلامي ودوله، وهذا بالنهاية داء أرى أن علاجه صعب ولا يكون إلا عبر مجلس حكيم به شخصيات رصينة تعيد للإسلام بريقه الحضاري من جديد، وتوقف شلالات الدم المذهبية الطائفية وتحاول الوصول إلى حل وسط يحقن دماء المسلمين، وهو ما تحقق عبر إنشاء مجلس حكماء للمسلمين، وحسناً فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة بمباركتها ودعمها لهذا المجلس المبارك، فهي خطوة صحيحة وقوية من أجل هذا الهدف. [email protected]