السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

شماعة الإعلام

قرأت قبل أيام أحد الأخبار التي تسلط الضوء على بعض المشاكل الاجتماعية، الإجماع الأكبر على أن الإعلام السبب في ذلك، ولكن السؤال هل للإعلام دور في بعض مشاكلنا، أم كل المشاكل؟ حين يتحدث معلم عن أن القنوات هي التي قلصت من هيبته بسبب ما يُبث، ووقتما يجيب آخر عن أن ما حصل لأبنائه من رسوب جماعي في المواد يعود إلى السلسلة الممتدة من البرامج، ويؤكد ثالث وجود مؤامرة إعلامية كونية على بناته هدفها إفساد القلوب وتغييب العقول، هل نسلّم بالمطروح أم نناقش الإشكالية المطروحة؟ للإعلام دور كبير في إيصال الأفكار، وهذا لا يختلف عليه اثنان، وهو دور محوري مؤثر، لكن ليس للدرجة التي تجعل مديراً لأحد الأندية الرياضية يلوم البرامج على ما يُصيب فريقه من إخفاقات، فهنا علينا أن نفتش ملياً في دور الإعلام التقليدي حقاً في حياتنا. إن كل شيء في الحياة نمر به يعود حله إلى أسلوب تعاملنا معه، فكما ذكرت في مقال سابق حول مفاتيح التعامل الصحيح أن كل شيء في الحياة يتوجب فهمه قبل العمل على تصحيحه، فالإنسان القادر على التمييز ما بين ركاكة المعنى، وقوة المحتوى لن ينخدع ببعض الساعات التي تسعى إلى الحصول على كومة من الأرباح، ولن يختل سلوك طفل وهو يلقى من أهله النصائح الدائمة في كل يوم لتذكره بأهمية الفروض الدينية، وأثرها على الحياة المستقيمة. أحياناً الاعتراف بالواقع يكون صعباً علينا، ولعل الكثير من المظاهر الاجتماعية السلبية التي لا نتقبلها اليوم هي من آثار الانشغال بأمور الدنيا عوضاً عن الالتزام بإصلاح الفرد، ففي البيت الواحد كل منا يهتم بما يشغله من هموم، ونادراً ما نرى الحوارات الأسرية الفعالة التي تسعى لبناء الشخصية السوية المحاورة، هذا الفارق في طريقة التربية ولّد نفوراً تاماً من قطاع كبير من الناشئة الذين وجدوا في الإعلام وما يبث الأسرة البديلة، ومن ثم أساس القضية يعود إلى الأسرة. شماعة الإعلام ذكرتني بشماعة أصدقاء السوء التي دائماً ما تُقال، ونتجاهل حقيقة أننا قد نكون أصدقاء السوء، فالدائرة ليست بمنأى عنا، ولكنها جزء منا، التعميم المستمر هو من الصور النمطية المنتشرة، والتي من نتائجها عدم الاعتراف بالخطأ، وبدلاً عن معالجة القضية نلجأ إلى التغطية عليها. [email protected]