السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

أبطال منسيّون

«هناك قُدرات تتبخر أمام حرارة التجاهل». هذه المقولة هي أول ما خطر إلى ذهني حين استمعت إلى أحد الأبطال في الألعاب الفردية، وهو يتحدث عن الصعوبة في التوفيق بين مشواره الدراسي، وإمضاء الساعات تحضيراً لتحقيق الإنجاز الرياضي، فإنْ غاب لأيام هطلت الرسائل التي تحذره من الإهمال، أو بشكل آخر تقول «لا تشوف نفسك علينا»، وأخرى من ضميره المهني الذي يعاتبه على قلة التدريب. مع نهاية كل مسابقة رياضية أولمبية سواء على الصعيد الآسيوي أو الدولي، نتذكر أبطالنا فجأة بعدما نتناساهم لفترة طويلة من الزمن، وهكذا فجأة كذلك نطالبهم بالفوز، وفجأة نلومهم في حال عدم فوزهم، في الوقت ذاته الذي تتكبد فيه الفرق الجماعية ويلات هزائم الخروج المبكر. هذا الفارق في التعامل، أنتج عندنا مجموعة كبيرة من صغار السن الذين إن تكسرت أحلامهم في ملاعب الفئات السنية لكرة القدم، فإنهم يتناسون مواهبهم الأخرى سواء في السباحة أو الرماية أو غيرها من الرياضات، وغالباً ما تذهب فئة منهم نحو أزقة السلوكات السلبية، هرباً من إحباط الإخفاق في الوصول لشهرة اللاعب الكروي. من المهم اليوم استكشاف كل هذه القدرات الدفينة من خلال المسابقات المستمرة للألعاب المختلفة، والمكافآت الدائمة، فسبّاح من إحدى دول الخليج المجاورة تكفل به اتحاد اللعبة ليكمل دراسته في إحدى الثانويات ثم الجامعات الأمريكية المرموقة، واشترط عليه الاتحاد تحصيل معدل علمي رفيع لإكمال هذه البعثة التعليمية الرياضية على حد سواء، هذا السباح اليوم يكمل الدراسات العليا، كما أنه أحد أبطال الخليج في مجاله لعدة سنوات، ومنافس دائم في المحافل القارية، ليجمع ما بين ضمان الوظيفة، والتفرغ الغائب في كثير من الأحيان عن اللاعبين باستثناء لاعب كرة القدم. التنوع في الاهتمام بمختلف الرياضات سيؤدي إلى وجود خامات تستطيع أن تفرغ طاقتها في الملاعب، وفي المقابل الآخر سينهي الصورة السائدة عن أن الرياضة مختزلة بلعبة واحدة فقط، كما أنه سيمنح الفرصة لأولئك الذين تميزوا في هذه الألعاب للسعي أيضاً نحو أعلى درجات العلم، من دون أن تكون رياضتهم بمثابة العائق الذي يمنع تحقيقه. علينا أن نعترف بأننا نعاني نقصاً حاداً في وجود «الرياضي النموذج»، الذي يشكل القدوة المناسبة لتحفيز صغار السن على متابعة دراستهم بالتزامن مع الرياضة. [email protected]