السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

نجاح مؤجل

وحدهم أصحاب النجاح مثل البذرة يتطلب وقتاً ليُثمر. من بين المواضيع الغائبة في مناهجنا سواء التعليمية أو حتى الحياتية استعجال النجاح، فمثلاً هناك من المدرّسين الذين إن رأوا أحد الطلاب الصغار «يخربش»على ورقته صرخوا، واعتبروا هذه الخربشات مجرد ضياع أو تهرب من الحصة الدراسية، بينما في أماكن أخرى من العالم نلحظ الكلمات الطيبة، وتشجيع الصغير ليمارس هوايته، وإن بدأها بطريقة غير صحيحة، فالأعمال الكبرى تبدأ من الأفعال الصغيرة. في العمل يوجد مديرون يطالبون الموظف بالنتائج فوراً، يتناسون أهمية مراعاة بيئة العمل، وكذلك الظروف الشخصية، ليُصبح الموظف مجرد أداة خالية من الإبداع الوظيفي، ومحرك يكتب بعض التقارير لتعرض على المدير لاحقاً، فتُهدر طاقة إيجابية بفعل ضغط العمل، ولو منح الموظف مساحة للتفكّر مع نفسه لكانت النتائج أفضل. حتى الفرق الرياضية، ومثال على ذلك خروج منتخب الشباب من بطولة كأس آسيا أمام منتخب مغمور هو ميانمار، أدى إلى هجمة شرسة على لاعبين يمتلكون الكثير من الطموح، ولديهم الإمكانات الكافية التي قد تؤدي في النهاية إلى صناعة جيل رياضي كروي قادر على المنافسة، فهؤلاء ليسوا مطالبين بتحقيق كل بطولة سنّية، ولا أن يصلوا لمرحلة النضج الآن، بل المطلوب هو تعلم الدروس، والاستفادة منها بقدر المستطاع، ليأتي النجاح في السنوات المقبلة. بشكل عام على الإنسان ألا يحكم بالفشل على نفسه مع الموقف الأول من الحياة، فهُناك من يرضخ لليأس وقتما يفقد صديقاً أو حبيباً، أو يصف ذاته بالغباء لمجرد عدم الوصول إلى النتيجة المرجوة في الامتحان، أو ربما يستمع لتلك الأصوات المحبطة التي تنال من قدراته أو طموحاته. أحدهم يخبرني عن قصة حياته بعدما توقف عن الدراسة لسنوات، ولكن ذلك التأخر لم يمنعه من معاودة المحاولة، والتركيز هذه المرة على صنع الآمال من عِبر الماضي، هذا الشخص اليوم على أعتاب التخرج في درجة الماجستير، ويفكر في إكمال الدكتوراه، على الرغم من أنه بدأ من الصفر من دون لغة إنجليزية قوية، وبسهام الكلمات من محيطه الذي يكرر جملة (لا أمل لك بالنجاح). وهذا لا يعني أن يؤجل الإنسان محاولة النجاح لأن الزمن يتسع، بل أن يذكّر نفسه بأنه في كل يوم جديد هناك أبواب جديدة تفتح نحو تحقيق الأماني، ومن يدري فبعض النجاح كالمطر يهطل فجأة. [email protected]