السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

من رحم كذبهم وُلدت تقاريرهم!

يبدو أن «هيومن رايتس ووتش» اختارت المضيَّ قدماً في سبل الغي والكذب، ويبدو أن تلاحم شعب الإمارات، ورده الجازم على التقارير الماضية، قد أصابا المسؤولين فيها باكتئاب حادٍّ جاء على إثره التقرير الأخير الذي يتحدث عن حقوق العمالة في الإمارات، هذا التقرير البعيد كل البعد عن المصداقية، الساقط في وحل الشواهد الواهية. أول تناقضات التقرير حين يتحدث عن وجود عدد كبير من العمالة المنزلية فهو يتجاوز 146 ألفاً، فكيف يأتِ كل هؤلاء إلى دولة لا توفر لهم حقوقهم الإنسانية والاقتصادية؟ ولماذا نشاهد الإمارات بمثابة الحلم الدائم لهم لتحقيق الأحلام؟ فهل من جواب يفسر هذا التوافد الكبير للعمالة من كل مكان، واختيارهم لهذه البلاد تحديداً مكاناً للعمل؟ هل سيذكر التقرير أن عدداً كبيراً منهم رفض العودة لبلاده لأنه يعلم بأن الحق الإنساني الذي يحصل عليه لن يجده حتى في بلاده وبين أهله؟! المنطق يقول بأن البلاد العادلة يزيد عدد القادمين إليها، والبلاد التي تعاني من ويلات الظلم يزيد عدد المهاجرين منها، فهل من تفسير منطقي واحد لوجود هذا التنافس للوصول إلى الإمارات، والعمل فيها؟ التناقض الآخر حين يتم اختيار 99 عاملة من بين هذا العدد المهول، أي ما يمثل 0.0007 من عدد العاملين، وكأن المنظمة قد أصابها الكبر لتخترع نوعاً جديداً من قياسات الرأي باختيار هذه النسبة الهزيلة، وعرض شهادات البعض متناسية الآلاف الأخرى، وبذلك هي تعترف بأن هذه العينة منتقاة لأغراض معينة، وجاء اختيارها لتمثيل وجهة نظر محددة لكي تكون محاولة أخرى للمنظمة في رحلة الاستقواء، فهل من المنطق أن يتم سؤال سبعة أشخاص من كل عشرة آلاف شخص للحصول على إجابة وافية حول مسألة ما؟ ... أترك الإجابة لهم. من أراد أن يعرف حقاً حق العمالة في الإمارات، فليذهب كل صباح ليرى ذلك المشهد الحضاري الذي يجمع الخادمة المنزلية بالطفلة الصغيرة، علاقة الود التي تقوم على الاحترام، وأحيانا نرى أن الخادمة تصبح جزءاً من المشهد الأسري فتودِّع الأبناء حين رحيلهم، وتستقبلهم وقت مجيئهم، ولم نسمع عن حالة تعدٍ من صغارنا على إحداهن، بل بالعكس هي علاقة تكاملية قائمة على الإنسانية البشرية، فالطفل الصغير في الإمارات يعلم ما لا تعلمه المنظمة، فهو يدرك جيداً من الناحيتين الدينية والأخلاقية أن يعامل الناس جميعاً سواسية من دون فوقية أو عقد. في أي مكان من العالم تجلس الخادمة جنباً إلى جنب مع العائلة في الأسواق، وتأكل من طعامهم لا فرق بينها وبينهم؟ يتم إحضار الملابس الجديدة لها بشكل مستمر، ولا يتم منعها من التواصل مع العائلات، ليسألوا الخادمات اللواتي عالجن عائلاتهن بفضل أرباب الأسر هنا، وكرمهم الذي يمتد أحياناً فوق الراتب والمخصصات الأساسية. في أي مكان نجد المواطن يقف بسيارته على جانب الطريق ليوزع الماء على جانب من هؤلاء العمالة، ويستمع إلى ما يحتاجونه، فيهرع إليهم وقت ما يريدون شيئا، ويقدم لهم على أساس الكرم المتعارف عن شعب دولة الإمارات، فهل «هيومن رايتس» ذهبت يوماً لتقدم الماء للعمالة؟ وهل جلسوا جنباً إلى جنب معهم ليقدموا لهم الطعام، وليستمعوا لهم. المنظمة تُبصر حين ترى واحداً من مجموعة آلاف على أهوائها، وتُصاب بالعمى التام وقت ما يجيء أحدهم مطالباً بالبقاء هنا وعدم الرحيل عن الإمارات، قبل فترة قصيرة تحدث السفير الهندي عن وجود 90% فضلوا البقاء في سجون الإمارات على إكمال محكوميتهم في بلدهم، فهذا الوضع في سجوننا فما بالكم في بيوتنا ومقرَّات أعمالنا؟ ليت المنظمة سألت نفسها كل هذه التساؤلات قبل أن تُقدم على المكابرة مجدداً، ووضع نفسها في موقف محرج أمام العالم مرة أخرى، لكن يبدو أن سلسلة الانهيارات في مصداقيتها ستتوالى، ولا أستبعد بأن يظهر تقرير آخر يتحدث عن مشكلة كامنة في وهم من يكتب تقاريرهم. النجاح يُزيد عدد الحاقدين، دولة الإمارات رغماً عن كتاباتهم، وتقاريرهم، وكل ما يصدر عنهم، ستواصل مسيرة الحفاظ على الحق الإنساني، وحق العمالة، وهي لا تحتاج لمرشد لكي يملي عليها معايير العدالة، ولا لتقرير ليذكرها بذلك، الإمارات تقدم دروساً عملية واقعية مشهوداً لها في حق الإنسان، لا مجموعة كلمات متراصَّة خاوية المعنى والقيمة.