السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

توجيه استراتيجي

النفايات معضلة حضرية وبيئية آخذة في الازدياد، نتيجة جملة من العوامل المرتبطة بجوانب سوء الإدارة في عملية التخلص من النفايات في العمليات الإنتاجية والصناعية والمنزلية إلى جانب تفشي ظاهرة الاستهلاك غير المستدام وثقافة الاستهلاك غير الرشيد في المفاهيم الاجتماعية، إضافة إلى ضعف الوعي بالطرق السليمة للتخلص من النفايات وعدم الالتزام بالثوابت المنهجية الإدارية والقانونية في عملية التخلص من النفايات الإنتاجية والمنزلية، ما تسبب في تصاعد وتيرة الآثار السلبية للنفايات على الواقع البيئي والصحي للإنسان، وتشكل الأضرار المباشرة لمشكلة النفايات على الأمن البيئي للإنسان، العامل الفعلي الذي دفع العديد من الدول إلى إدراج قضايا التخلص من النفايات في مقدمة أولويات خطط عملها الاستراتيجي في الشأن البيئي. توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لتنفيذ وبناء مصنع تحويل النفايات إلى طاقة تؤكد النهج الاستراتيجي الذي تتبناه الدول في إيجاد البدائل العملية والعلمية لطرق التخلص من النفايات والاستفادة منها، وهو منهج لحل مشكلة نقص الطاقة والإنتاج المستدام للطاقة، ويشكل ذلك التوجه الاستراتيجي تجسيداً لخطة العمل الموجهة لإنجاز أهداف التنمية المستدامة المتمثلة في حماية البيئة والتنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية. البعد الاستراتيجي لتوجيه سموه تجسد أيضاً استراتيجية المشروع الدولي البيئي الذي يجري التأكيد عليه في وثيقة مبادئ مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة – ريو + 20، حيث يشير المبدأ 218 إلى أن الدول مدركة «لأهمية اعتماد نهج دورة الحياة، وكذلك وضع وتنفيذ سياسات بشأن كفاءة استخدام الموارد والإدارة السليمة بيئياً للنفايات». ويؤكد أنها ملتزمة «بمواصلة خفض النفايات وإعادة استخدامها وإعادة تدويرها، وكذلك بزيادة استعادة الطاقة من النفايات بغية إدارة أغلبية النفايات على الصعيد العالمي، بطريقة سليمة بيئياً، وجعلها مورداً حيثما تسنّى ذلك». ويشير المبدأ ذاته إلى أن «النفايات الصلبة، كالنفايات الإلكترونية واللدائن، تمثل تحديات خاصة ينبغي التصدي لها. وندعوا إلى وضع وتنفيذ سياسات واستراتيجيات وقوانين ونظم وطنية ومحلية شاملة لإدارة النفايات». التخلص من النفايات محور رئيس في السياسات التنموية والبيئية للشارقة، وهي في مقدمة اهتمامات توجيهات سمو حاكم الشارقة، ويمكن تبين حقائق ذلك التوجه في الإجراءات المتواترة لمنظومة العمل التي ترتكز على مقومات مؤسسة في العمل الإداري، وبناء الشراكة المتداخلة مع القطاع الحكومي والخاص، للحد من ظاهرة النفايات، ويتجسد ذلك في التعاون القائم بين بلدية الشارقة وشركة الشارقة للبيئة «بيئة»، وجرى في سياق ذلك التوجه التوقيع على اتفاقية مشتركة لحل مشكلة النفايات وإعادة تدويرها، وفق أرقى المعايير العالمية، ضمن نهج الشارقة الاستراتيجي في الاهتمام بالبيئة والقضاء على مظاهر التلوث وجعل الشارقة مدينة خالية من العناصر المسببة للتلوث. وتقضي الاتفاقية على أن تقوم شركة «بيئة» بعمليات جمع النفايات الصلبة في مدينة الشارقة والتخلص من النفايات في مواقع الطمر المخصصة لها، وتنفيذ وتحسين عمليات جمع النفايات الصلبة مع الالتزام التام باتخاذ جميع التدابير، وتصميم برامج إعادة التدوير وتنفيذ برامج صيانة وقائية فعالة للاستفادة من الموجودات الحالية والمستقبلية بما يتناسب مع القوانين واللوائح والسياسات التي تعكس المعايير الدولية. التوجه الاستراتيجي للشارقة في التخلص من النفايات يشكل الدافع الفعلي لتأسيس شركة الشارقة للبيئة، وبناء مركز الشركة لإدارة النفايات في منطقة الصجعة الصناعية بإمارة الشارقة، الذي يعد أكبر مرفق لفرز النفايات وإعادة تدويرها على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وثالث أكبر مركز على مستوى العالم. التخلص من النفايات عمل تكاملي تدخل في منظومته الجوانب القانونية والإدارية والرقابية، بيد أن تلك الإجراءات غير قادرة على إنجاز الأهداف من دون خطط التوعية البيئية للمجتمع، وذلك ما يجري الأخذ به، ويمكن تبين واقعه في خطط التوعية البيئية التي تتبناها المؤسسات في الشارقة وتضعها شركة «بيئة» ضمن استراتيجية عملها التنفيذي، ويتمثل ذلك في الحملات النوعية التي تنظمها الشركة لنشر ثقافة الحفاظ على البيئة من التلوث وأهمية التدوير. [email protected]