السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

الأمن الوطني .. الإمارات نموذجاً

في الثاني من ديسمبر تحتفل الإمارات العربية المتحدة بعيدها الوطني الثالث والأربعين، وكم كانت سعادتنا كبيرة عندما تلقينا دعوة كريمة من سفارة الإمارات في مملكة البحرين للمشاركة في احتفالات شعب الإمارات بعيده الوطني الذي درجنا لسنوات على المشاركة بفعالية في تنظيم المناشط الاحتفالية عندما كنا ضمن تشكيلة مجلس إدارة النادي الثقافي العربي في الشارقة. الاحتفال باليوم الوطني لدولة الإمارات مناسبة تحتفل بها جميع الأطياف في المجتمع الإماراتي، وتتميز المناسبة بخصوصيتها وجوهر معانيها الاجتماعية والوطنية والإنسانية. إنها مناسبة تزدهر فيها النفوس وتزدان بمظاهر الولاء والوحدة الوطنية، قبل أن تزين شوارعها ابتهاجاً بحلولها، وتلك ظاهرة تؤكد معاني الفخر والرضا بما تحقق من منجزات على مختلف الأصعدة، التنموية والاجتماعية والاقتصادية، والرفاه والسعادة الإنسانية. إن ذلك الواقع يشير إلى ما يتمتع به المواطن الإماراتي من مميزات ومقومات الأمن الإنساني وهي الحالة التي تشكل ركيزة الأهداف الاستراتيجية التي جرى العمل من أجلها لبناء منظومة الأمن الوطني، وبخلاف النظريات والرؤى والتجارب في العالم في شأن استراتيجية العمل لبناء مقومات الأمن الوطني جرى العمل في الإمارات على جعل قضايا المجتمع ومتطلبات أمنه المعيشي والحياتي والإنساني ركيزة منطلقات منظومة العمل للبناء والتنمية، والذي أفضى إلى بناء القاعدة المتينة للأمن الوطني. قضايا الأمن من المسائل المهمة في استراتيجيات العمل الوطني للدول وهي في مقدمة اهتمامات المفكرين والمخططين الاستراتيجيين والدراسات المختصة في قضايا الأمن الإنساني، وإن العديد من الدراسات ومرئيات المفكرين في قضايا الأمن الإنساني تعالج مسائل الأمن من منظور أحادي الجانب، وتربط معالجة هذه المعضلة الاجتماعية بامتياز بمعزل عن متطلبات الأمن الفعلية، والتي يشكل الاستقرار والعدالة الاجتماعية معادلتها الرئيسة، وهي المعادلة التي صارت في المرحلة المعاصرة ركيزة اهتمام مفكري الأمن الذين دلتهم تجاربهم في البحث عن مقومات الأمن الحقيقي على أنه ليس في إجراءات الزجر وقوانين الردع وحسب بل في اعتماد نهج استراتيجية التنمية وبناء حياة وسعادة الإنسان وإشباع احتياجاته ومتطلباته الحياتية والمعيشية كمخرج فعلي لإنجاز أهداف الأمن الحقيقية. إن حقائق جوهر ذلك المنهج الفكري في معالجة قضايا الأمن من منظور إنساني يمكن تبينها في مرئيات عدد من المفكرين، ومنهم الألماني شارل شلايخر الذي يحدد مفهوم الأمن بقوله «إن الأمن يشير إلى القيم مثل الحرية والرفاهية والسلام والعدالة والشرف وأسلوب الحياة. وهذه القيم هي أهداف الأمن. ومن ثم يصير الأمن مجرد حمايته». بالاتساق مع ذلك يشير وزير الدفاع الأمريكي الأسبق روبرت مكنمارا أن «الأمن ليس هو المعدات العسكرية، وإن كان يتضمنها، والأمن ليس النشاط العسكري التقليدي، وإن كان يشملها»، ويؤكد «الأمن هو التنمية، ومن دون التنمية لا يمكن أن يوجد أمن. والدولة النامية التي لا تنمو في الواقع لا يمكنها ببساطة أن تظل آمنة بسبب عنيد، هو أن مواطنيها لا يمكنهم أن يتخلوا عن طبيعتهم الإنسانية». ويرى أن المسألة العسكرية ما هي إلا وجه سطحي ضيق لمشكلة الأمن الكبرى .. والقانون والنظام هما الدرع الذي يمكن أن تحقق من خلفه التنمية وهي الحقيقة الأساسية للأمن. قضايا الأمن الإنساني مسألة محورية في المفاهيم الإسلامية، ويبين القرآن الكريم مفهوم الأمن في قوله تعالى: «فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف»، ويعدّ ذلك تعبيراً بليغاً عن معنى الأمن، وهو توفير الحاجات الضرورية التي تؤمن للإنسان سبل الحياة، وكذلك حمايته من المخاطر بما يحقق له الطمأنينة والاستقرار. الأمن الإنساني محور رئيس في مبادئ المشروع الدولي البيئي وتشكل الكرامة الإنسانية بمختلف تجلياتها ركيزة محورية في معالجات مبادئ وثائق مؤتمرات الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. البعد الاستراتيجي لهذه القضايا هي في مقدمة أولويات استراتيجية التنمية في دولة الإمارات التي يجري التأكيد على ثوابت أهدافها في خطط العمل الموجهة لصون الكرامة الإنسانية وتعزيز نهج العمل المؤسس والموجه لبناء مجتمع الرفاهية وتعضيد قيم الولاء التي صارت من الثوابت التي تميز مظاهر الاحتفال باليوم الوطني لدولة الإمارات. [email protected]