السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

توافق استراتيجي .. السواحل في موقع الحدث

السواحل في حوض الخليج العربي معلم بيئي واجتماعي ومعيشي واقتصادي وسياحي وصحي أيضاً، وتشكل الأحداث التاريخية التي شهدتها مياهها الدافئة مؤشراً حضارياً لتطور المجتمع الخليجي وتختزل كثبانها محطات تاريخية مهمة لمسيرة النشاطات البشرية والأنشطة ذات الطابع المعيشي والإنساني للمجتمعات المحلية، وعرفت مياهها حراكاً مجتمعياً نشطاً وكانت مصدراً استراتيجياً، اقتصادياً ومعيشياً للمجتمعات القاطنة على ضفافها، وهي بذلك تشكل مقوماً رئيساً واستراتيجياً في منظومة الأمن اﻻجتماعي. والسواحل في الخليج العربي تتوافق في خصوصيتها التاريخية والتراثية والاجتماعية وتمثل ثروة حضارية ووطنية، وعند زيارة السواحل في بلدان دول مجلس التعاون الخليجي يمكن تبين واقع حقائق ذلك التوافق، ومن خلال جولاتنا الميدانية واﻻستطلاعية ضمن نشاطنا المهني، التطوعي والوظيفي في سواحل كلباء وخورفكان والخان في إمارة الشارقة وجدنا العلائم التي تحمل الخصوصية التاريخية واﻻجتماعية ذاتها للسواحل في البحرين، وتتمثله تلك الخصوصية في مشاهد نشاط البحارة على شاطئ خورفكان وكلباء ومقرات جمعية الصيادين في كلباء ومنطقة الخان في مدينة الشارقة الذين التقيناهم وتحدثنا إليهم عن قرب في نادي الصيادين الذي شيد بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتلك المشاهد عادت بذاكرتنا إلى أيام الزمن الجميل عندما كان البحارة في قريتنا باربار في حركة متواترة على الساحل وتذكرنا بالعريش بجانب النخيل الأربع التي ما تزال باقية على الرغم من قسوة الزمن، وذلك العريش التراثي الذي على الرغم من بساطته كان بمثابة النادي الذي يجمع الصيادين حيث يلتقي فيه البحارة ويتسامرون ويبحثون قضاياهم المهنية ويتبادلون الرؤى والأفكار حول عملهم البحري. التوافق التاريخي واﻻجتماعي والاستراتيجي أكدت حضوره التوجيهات والقرارات التي تبنتها قيادتي الإمارات والبحرين في فترة متقاربة لتطوير السواحل وصون نظامها البيئي واﻻرتقاء بقيمتها الجمالية والاجتماعية والسياحية وبمستوى مواصفاتها الخدمية والحضرية، ويتمثل ذلك في المشروع الذي اعتمدته «لجنة متابعة تنفيذ مبادرات رئيس الدولة» في الإمارات، بشأن حماية وتطوير شاطئ مدينة كلباء الذي يمتد طوله 7.7 كيلومترات ابتداء من حدود مدينة كلباء مع مدينة الفجيرة وحتى خور كلباء بتكلفة 200 مليون درهم. المشروع من المشاريع الاستراتيجية المهمة ويعد تجسيداً للاستراتيجية الوطنية للبيئة وأهداف التنمية المستدامة، وتتضمن أعماله، إنشاء كواسر صخرية على شكل أصابع تمتد 50 متراً داخل البحر، وتكون محمية بأحجام مختلفة من الصخور بجانب جرف وتصدير 2.5 مليون متر مكعب من الرمال الشاطئية بمواصفات عالية خالية من المواد العضوية والحصى لوضعها بين الكواسر، وروعي في التصميم حركة الموج وارتفاعه خلال الأعاصير وحركة الرياح بجانب مراعاة عدم التعرض لمرفأ الصيادين ومدخل الخور جنوب المدينة. البعد البيئي والاجتماعي يشكل ركيزة محورية في منهجيات المشروع حيث ترتكز أهدافه في حماية الشاطئ من الفيضانات خلال العواصف والأعاصير البحرية الموسمية إضافة إلى حماية رمال الشاطئ من الانجراف بسبب التيارات البحرية المارة قرب الشاطئ وتأمين أماكن ترفيهية لسكان المنطقة كالمساحات الخضراء والحدائق. توجيه ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بتفعيل توجيهات الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتطوير السواحل العامة وتوفير المزيد من الأماكن والخدمات للمنفعة العامة التي تكون متنفساً للمواطنين والمقيمين واتخاذ الخطوات التنفيذية اللازمة بدراسة إنشاء مشروع كورنيش عام وفق أحدث التصاميم التخطيطية والمعمارية.. يجسد أيضاً البعد الاستراتيجي لتنمية السواحل وصون معالمها البيئية وتعزيز فوائدها الاجتماعية. التوجيه ترك صدى إيجابياً على جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالشأن البيئي ودفع جمعية البحرين للبيئة للإشادة بالمبادرة في تحفيز جهود العمل المؤسس لصون بيئات المناطق الساحلية. ينبغي التأكيد على أنه لضمان استدامة بيئات السواحل يجب العمل على إصدار تشريع خاص يضع الضمانات القانونية في تحويل السواحل إلى إرث وطني ووقف للأجيال ويحرم التدخل في نظامها البيئي وتغيير معالمها البيئية ويحظر امتلاكها للأغراض الخاصة. [email protected]