الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

الظلم الإعلامي

كنت وما زلت وسأظل مؤمنة بدور الإعلام في التغيير وتشكيل ثقافة المجتمع. استطاع ذلك قبل أن تتطور وسائله من خلال ديوان العرب، ومن خلال الترجمات والانفتاح الثقافي على الحضارات الأخرى، مما أحدث تغييراً في التفكير وبعض العادات والممارسات داخل القصور وخارجها بالنسبة للعرب قديماً. والآن ما زال يمارس الدور ذاته من خلال التلفزة والإذاعة والجريدة والكتاب، ما زال حيويّاً طالما يجد من يتابعه ويثق فيه، ولن يخلو من المتابعين أبداً بالنظر إلى مفهومه الواسع. وأسوأ ما يمكن التعرض له هو التسيير في هذا المجال، أي أن يكون مسيّراً من قبل جهة أو فكرة الشهرة فقط، فهذا تخديرٌ لعقول المتابعين وتوجيهٌ مسدّد لاهتماماتهم كذلك. فمثلاً أن يُرى أن كرة القدم هي الاهتمام الشعبي السائد في الإمارات، يجعل الاهتمام بها إعلاميّاً وماديّاً ومجتمعيّاً أكبر، حيث تُمنح فوق ما يجب، وذلك لأن الإعلام بمختلف توجهاته ركّز عليها وزيّنها ونقلها بالصورة التي تجعلها أكثر تقبّلاً من أي فن آخر، على الرغم من أنها مجرد تسلية، لا هدف لها للمشاهد غير التسلية، بالطبع هي رياضة للاعبيها فقط. فلو أراد الإعلام مثلاً أن يجعل الشعر هو الاهتمام الشعبي السائد لفعل به كما فعل بكرة القدم، لزينه كما يجب، ولأصبح الصرف عليه وعلى مجالاته أكبر، وبالتالي لا يكتفي فقط ببرنامجين من هيئة واحدة، ولكن غير متكافئين بالمستوى من أجل الترويج لهذا الفن الجميل. عندما يحصل لاعب على مركز على مستوى الخليج أو العرب أو العالم، فإن الحديث عنه يلمّع بشكلٍ كبير في الشاشات والوسائل الورقية، ولكن عندما يحصل ابن البلد على مركزٍ متميز في مجال الأدب على المستوى ذاته فإنه يعامل معاملة: «لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت»، وكأنّ الإنجاز الكبير هذا ليس شيئاً أمام الإنجاز ذاك، هكذا يحصل. لماذا أقول ذلك؟ لأنني سئمت من التهميش غير الطبيعي لهذا الجانب، فكم من شاعر وكاتب حصل على مراكز عربية أو عالمية أو خليجية لكن تم إهمال إظهاره والافتخار بإنجازه كما يُفعل مع اللاعب. وهذا ظلم، والساكت عن الحق شيطانٌ أخرس. [email protected]