الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

اقرأ

كنت قبل عدة أيام أمشي في ممرات المستشفى وأنا أبحث عن معلومة طبيةٍ ما في جهاز «الآي باد»، الذي يرافقني دائماً في عملي، فسمعت وأنا أمشي شخصاً خلفي يقول بما معناه «كل الناس عيونهم في تلفوناتهم»، علمت أنه يقصدني لأن الصوت كان قريباً مني، ولأني كنت الوحيدة في الممر. التفت إلى الخلف لأجد شخصاً كبيراً في السن يجلس على كرسي متحرك، قلت له «هذا عصر التكنولوجيا» .. فرد «لكنها أفسدت عقولكم». رجعت إليه فسألني عن اسمي ونسبي وتخصصي، ثم دار بيننا حديث طويل، ومن بين الحديث أخبرني أنه قارئ نهم ونصحني بأن أحرص على القراءة، لأنه، وكما يقول، العقل يتوسع بالعلم والدراسة، أما الذهن فيختلف عن العقل، ولا شيء يوسع حدوده إلا القراءة، قال «ستجدين القارئ النهم دائماً متواضعاً لأن القراءة تهذبه، وستجدينه أيضاً دائماً ما ينظر للأمور من زوايا مختلفة». أعجبني ما قاله .. خصوصاً أني أؤمن بهذا الشيء، ودائماً ما أقول إن القارئ تعرفه من حديثه وطريقة تفكيره .. ودائماً لحديثه طعم تستشعره خلايا التذوق، ولولا المبالغة لقلت تكاد تجد بقايا شهد على لسانك عند الاستماع لأحاديثهم. لكن للأسف أغلب من هم في سني، أو على الأقل من حولي، لا يستشعرون هذا الشيء ولا يعرفون مدى المتعة في قراءة كتاب يأخذ كل حواسك، فيسكن كل شيء حولك .. وتدخل في زمن ليس بالزمان الذي أنت، ومكان ليس المكان الذي أنت فيه، وكأن الكتب آلة الزمن التي عجز الإنسان أن يصنعها حتى الآن. وبالرغم من المحيط المحبط إلا أنني لم أستسلم، واستطعت أن أحبب بعض صديقاتي وأفراد عائلتي في القراءة .. وهو أحد الأشياء التي أفخر بها بيني وبين نفسي، حتى بت عندما أذهب لمعرض الكتاب أو لمكتبة أحرص على أن أقتني كتباً لي ولمن حببّتهم في القراءة .. ولأني بت أعرف ما يناسب مستواهم وميولهم أصبح هذا الشيء واجباً. وما يحمسني أكثر للاستمرار في هذا الشيء أنه سبيل من سبل الصدقة الجارية. لذلك اقرأوا وحببوا الناس في القراءة، فهي جزء من ديننا أيضاً. يستحق التأمل: «اقرأ باسم ربك الذي خلق». [email protected]