الاحد - 12 مايو 2024
الاحد - 12 مايو 2024

الدماء العربية المهدرة

 إن الإنسان تمر به كثير من الظروف والأحوال السيئة، وللأسف هي الغالب في حياتنا، كالأمراض والفشل والتعب والمعاناة والكثير جداً من الظروف الصعبة، لكن أصعبها الفراق، فإن ألمه يبقى فترة طويلة جداً في القلب والنفس. إن مجرد وفاة من نحب ونقدر ونجلّ يشعرنا فعلاً بتفاهة هذه الدنيا. نعلم ونؤمن بأن الفراق حتمي ولابد منه، ولكن أغلبنا لا يستطيع أن يتحمل هذه الصدمة رغم جهوزيته لها بين الحين والآخر، فكيف إن جاء ظلماً وعدواناً وجوراً، فالمصيبة هنا مزلزلة. يُبين ضعفنا عند الفقد لأننا نعلم بأننا لن نرى الفقيد إلا في أحلامنا، وسنعيش على بعض ذكراه العطرة، ونأمل من المولى عز وجل أن تزور الأمواتَ أصواتُنا بدعائنا. تختلف عادة صعوبة الفقد في درجة قربه من القلب. الحسَن أحياناً في فقدان الأحبة هو أن رائحته الطيبة العطرة تبقى عالقة في خاصرة الأيام ولا يزيلها سوى رحيلنا معها يوماً ما. لكن أشد ألم الفراق الذي نعانيه في هذا الوقت هو فقد أخوة لنا من الدول العربية، والسبب هو العدد المهول الذي نخسره من أرواح لقت حتفها، ومزقت أسرها، ويتّم صغارها ووضعوا في أسوأ ظروف الحياة. كيف يمكن أن نصدق أو يقبل المسلمون أن هؤلاء الأبرياء قتلوا باسم الإسلام والجهاد؟ كيف يمكننا تحليل هذه الأحداث الوحشية؟ وكيف يمكن للتنظيمات الإرهابية تبرير هذه الجرائم المروعة. الدول الغربية للأسف وجدت في الأمة العربية وشعوبها تربة خصبة للفتنة منذ زمن بعيد، فلعبت على وتر الظلم والاستبداد وبعث روح القومية، وزرع عقيدة التغيير في عقول بعض الخونة والحزبيين المؤدلجين الإرهابيين بالذات، الذين ليس لهم هم سوى الوصول للسلطة مهما كلف ذلك من أرواح بريئة خدعها بريق التغيير، وإذا استفاقت الشعوب بعد حين، يكون قد هلك الحرث والنسل، وتيقن الجميع أن الخيانة العظمى أتت من بني جلدتهم. مرت الأمة العربية بثورات عدة سواء ضد الحكم العثماني بالتعاون مع الغرب، أو بثورات ضد الاحتلال الغربي لأقطارها، أو ثورات ضد أنظمة الحكم، ولقد اتضح من خلال مسيرة طويلة تبلغ قرابة مئة عام أن كل الثورات العربية كانت تذهب في اتجاه التغيير الجزئي أو تجديد الابتلاء على الشعوب بصيغ مختلفة شكلاً متفقة مضموناً. أخيراً وليس آخراً، هل وصلنا إلى قناعة أو تعلمنا الدرس بأنه ما من ثورة قامت إلا أتت بالويل على شعوبها من فقد الأمن وازدياد الفقر والتشتت في بقاع الأرض؟ [email protected]