الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

أثر الفستان المموه

وصلتني قبل أيام رسالة عبر برنامج الواتس أب، تسألني عبرها صديقة عن الفستان المغضوب عليه الذي تباينت ألوانه لناظريه، وعن منظوري الخاص بألوانه، وعن ماهية الألوان التي أحصل عليها حين رؤيتي له .. هل أراه كما تراه هي بلونيه الأبيض والذهبي أم كما يراه الشق الآخر من الناس أنه بلونين أسود وأزرق. تسألني في الوقت ذاته الذي أشعر فيه بالحزن على أمر آخر لم يتوحد العالم له كما فعلوا بالبحث عن حقيقة وماهية لوني الفستان المريب الذي تتموه ألوانه. أمر آخر كان يشغل بالي ويشعرني بالغضب والحنق لم يشعر به 37 مليون مشاهد لتلك الصورة .. ولم يضغط على الفيديو الخاص به سوى النزر القليل من الناس. إرث إنساني قديم وقيّم كان يُدمر في العراق، ويفتت في جنون الهوية المرتبكة لضعاف النفوس المنتمين قسراً ورضى لتنظيم داعش. آثار وإرث إنساني عظيم كان يفتت .. في حين أن العالم كان يلهيه فستان ضيق تتغير ألوانه ما بين عيني شخص وآخر. تقول صديقتي التي جاءها ردي غاضباً من قضية الاهتمام بفستان لن يهم البشرية أن يعرفوا ماهيته، بأن الحجر ليس أهم من الإنسان وتنظيم داعش قتل ما هو أجمل من الحجر .. وحطم الإنسانية ومبادئها السامية .. فما نفع الغضب .. غضبي على الإرث الإنساني وحنَقي أثارا حفيظة صديقتي، في حين أن وسائل الإعلام والمشاهير والناس العاديين الذين هرعوا لتحليل ألوان فستان لن يخرجوا من تحليل ألوانه بناقة فكرة أو بعير معنى .. كان أمراً عادياً في نظرها ونظر البعض الآخر .. فهل وصل بنا الحال لهذا الفيصل من المفاضلة بين أمر تافه وآخر صعب لنفضّل التافه؟ هل لون الفستان ذاك سيخدم البشرية في شيء، في حين أن تاريخاً إنسانياً نقل لنا الكثير من الأفكار والمعلومات عما مر في هذا الكوكب والأرض قبلنا، وأسهم في تشكيل الثقافات الفكرية لشعوب أخرى أهمُّ في زمننا هذا الذي يشي بالصعوبة. [email protected]