الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

الضعف مصدر قوة

كنت أقرأ كتاب الجنية لغازي القصيبي، وبعيداً جداً عن إبهار الكتاب لي، قرأت جملة فيه استوقفتني، وحركت زاوبع التفكير في رأسي حيث تقول الجملة (الضعف أحياناً هو مصدر القوة). مستني الجملة بشكل مباشر لأني كثيراً ما يراني الناس من حولي قوية، وتتردد علي هذه الكلمة دائماً. ولكنهم لا يعرفون كيف أني أتصنع القوة حتى أخفي هشاشتي، وكيف أني في يوم من الأيام تحطمت نفسياً إلى درجة أني كنت لا أقوى على القيام من الفراش ضعفاً، حتى تعافيت وعادت لي القوة. ولهذا يقال الضربة التي لا تقتلك تقويك، فمن بعد أن تتعافى منها، تصبح لديك المناعة من التأثر بالضربات المماثلة لها في القوة أو الأضعف منها. ففي كل صدمة قوة وفي كل محنة منحة، ستؤتي أكلها حتى حين ولو لم تشعر. بعد أن قرأت هذه الجملة من غازي ترسخت في بالي تلك الفكرة، وبت كلما رأيت شخصية فذة قوية، أقول في نفسي يا ترى أي كسر تعرض له فاكتسب تلك القوة، وكم من صدمة تعرض لها حتى اشتد ساعدا قوته؟ لكن حتى ينال الإنسان القوة من ضعفه عليه أن يتحلى بثنائي الصبر والعزيمة، الصبر على النائبة التي أصابته، والعزم على أن يتخطاها فيقوي من نفسه، وإلا فإن الكسر فيه لن يجبر بل قد تكون نقطة ضعف زائدة عليه. ولنا في رسول الله أسوة حسنة حيث قال «إذا استعنت فاستعن بالله»، فأحياناً مهما بلغت من قوة فإنك بحاجة إلى ركن الله الشديد إذا ما انكسرت، حتى يقويك ويعينك ويرأب الصدع ويجبر الكسر. نعم .. يكون الضعف أحياناً هو مصدر القوة، لكن لمن علم كيف يقلب الطاولة رأساً على عقب. يستحق التأمل: «يا ليت لو جاوبني عن لا بأن قال هلا». [email protected]