الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

بالأبيض والأسود

عندما أرغب بمشاهدة ومتابعة فيلم سواء كان عربياً أو أجنبياً أتجه إلى إحدى القنوات المهمة التي تعرض أفلاماً قديمة، وعودة للزمن الجميل البعيد والقريب إلى القلب والعطاء المميز من الفنانين القدامى المخلصين للفن الأصيل آنذاك، وحدهم يسحبونك نحوهم، لتعيش في الظرف والمكان نفسهما وعطر الذكريات، تنصاع بعفويتك لضخامة هذه الأفلام ذات الحبكة الدرامية والقصص الاجتماعية المشوقة للحب العذري والرومانسية الراقية المحترمة، ومقارنتها بأفلام اليوم والفوارق الحسية والإسفاف المبالغ فيه .. وأعني على صعيد دراما الوطن العربي، ناهيك عن بعض ما يعرض على قنواتنا المتنوعة من مسلسلات خليجية وقصص درامية دامية مبالغ فيها، تنشر بعضها أخلاقيات بعيدة عن عاداتنا وتقاليدنا، وتسهم في تحطيم نواة المجتمعات العربية كل عام تقريباً وخصوصاً في شهر رمضان الفضيل. مؤلم جداً اصطدامكَ بالمفارقات والمطبات الدرامية داخل شوارع عقلك محاولاً البحث عن مسلسل له قصة حقيقة وواقع سعيد يحكي مشوار حياة أسرية لها معطياتها الإيجابية، أو حتى لو تخيلنا، لا بد أن الحياة مليئة بالقصص، والمؤلفون لهم حبكتهم وخيالهم ورؤيتهم في تخفيف حدة المشاحنات والمشاهد المقرفة من القتل والتدمير الإنساني. المجتمع العربي اليوم يحتاج هدوء أوضاع، يحتاج تحليلاً ذاتياً يعيد تراكماته وانهزاماته وانقسامات عديدة شتت العقول ووأدت المشاعر. خلاصة القول إن انكسار الإنسانية وتلطيخ كرامتها بالذل والدم عار على عروبتنا كوننا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وما نشاهده من أخبار سياسية ما هو إلا فتن في زمن اختفت معالم القيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية، وتبدلت نفوس وانغمست في وحل الحرام والدمار وقتل المسلم نظيره، الإنسان العربي مهزوم من الداخل منذ زمن طويل، وعندما يتخلل الانحلال الأخلاقي بعض المشاهد التلفزيونية تتفاوت الحدة بين الصمت والإخراج وبطولات لممثلين اندرج فنهم تحت بند الفن الهابط والقبح والاستهتار. إن أكثر ما يهمنا نحن المشاهدين مراقبة ذواتنا وما يعرض أمامنا، خصوصاً أن لكل منا ميوله وأهمية الاختيار والمشاهدة، الفن الأصيل لا يتكرر أبداً، ذات يوم كان هناك عمالقة رحلوا وتركوا بصمتهم العظيمة بالأبيض والأسود على شاشتنا الفضية.