الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

استثمارنا الحقيقي

منذ أيام كنت أتحدث مع أحد الأصدقاء، وكنا نناقش فكرة سلوكـــيات سلبية يُعلمها البعض لابنه أو ابنته ويتباهى ضاحكاً ومقهقهاً في أحيان كثيرة من ردة فعل الصغير الذي يحاول أن يرضي والده بأن يتفوه ببعض الكلمات أو يتباهي بسلوكيات غير لائقة تجاه الضيف أو صديق الأب الضحية. بعض السلوكيات السلبية التي يعلمها بعض الكبار للصغار في سبيل الضحك والمداعبة هي أساسيات وركائز مبهمة في تربية الطفل، ركيزة تصنع منه من سيكون لاحقاً بعد عدة سنوات. غالب الآباء الذين يطلبون ويعلمون الأطفال تلك (الحركة) الرعناء هم أول من يغضب ويصرخ في وجه ذات الطفل إن وجه الفعل ناحيته، وقد يصل لأن ينعت الطفل هنا بغير المهذب وما إلى ذلك من أمور، ولا يدري أن ذاك الطفل هو (استثماره) الحقيقي للحياة المقبلة. كنت أجلس في أحد الأبراج الشاهقة في أبوظبي، وأتجاذب أطراف الحديث مع أحد الموظفين في إحدى شركات العقارات، أخبرني أنه ووالده ساعدا في تعليم أخيه، واختصر كل ما فعلوه به بجملة واحدة (احنا استثمرنا فيه).. لم أعرف كيف أشد على ذكاء هذا الشخص وأحييه بالعبارات لأنه بالفعل اختصر ما كان في رأسي من حيرة بين ما سمعت من الأصدقاء عن تفشي ظاهرة التباهي بسلوكيات غير لائقة يعلمها بعض الآباء لأبنائهم في المجتمع، وبين هذا الشخص الذي عرف جيداً أن الإنسان هو استثمارنا الحقيقي الثابت. تزول كل المعطيات في الحياة، وتتبدل بشكل أو آخر لكن الإنسان وإبداعه وتميزه هو الباقي على مدى سنوات، بين استثمار واستثمار فكرة صغيرة تزرع في العقل يتلقاها الفرد منذ بدايات تكوينه الذهني، فذاك الذي يستثمر بهجته ودقائق من الضحك في حياة طفله الصغير ليس كذاك الذي استثمر ماله وجهده في تعليم أخيه أو ولده، الشاهد في المثالين اللذين طرحتهما هنا هو أن الإنسان هو الاستثمار الحقيقي الذي يجب أن يعول عليه لإيجاد جميع أركان النجاح والتميز. [email protected]