الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

باكستان وقرار المشاركة

لا أحد ينكر قوة باكستان سياسياً وعسكرياً، من هنا نبدأ الحديث، فحينما يتخلّى البرلمان الباكستاني ذو الغالبية السنية عن نصرة التحالف العربي الذي نشأ لغاية نبيلة تتعدى صراعات الطائفية التي يُروّج لها هنا وهناك، فإن الموقف الباكستاني يكون غامضاً. بعد أن تخلّت باكستان عن الطائفية استطاعت إذابة الطوائف الإسلامية لديها في المجتمع وإشراك الجميع على قدم المساواة، وهذا إنجاز يحسب لها، وستعود لسيرتها القديمة وستنشأ الطائفية في الداخل الباكستاني لا محالة، وحين تُقدّم مصلحة أفراد على مصلحة البلد لن يفلح هذا البلد أبداً، ولو أجرينا بحوثاً ودراسات عن مكان المصلحة الباكستانية لوجدناها تصب في وقوفها مع السعودية بكل شكل من الأشكال، ولا مجال لعقد مقارنات بين اقتصاد المملكة وقوتها السياسية وتأثيرها العالمي وبين تهالك الجار الفارسي سياسياً واقتصادياً حتى أمنياً. الصدام الظاهر لنا بين الحكومة الباكستانية والبرلمان هو ليس صداماً حقيقياً، فالمسألة واضحة وضوح الشمس، لباكستان أعذارها في عدم الدخول في هذه المعركة، واللعبة السياسية بأن يتم وضع مسؤولية القرار على البرلمان الذي لن يتردد في هذا لطبيعة البرلمانات المدنية التي دائماً ما تضع الحروب كآخر خيار، ولكن الحقيقة هي أن صراع التسلح والحرب الباردة بين باكستان والهند يجعلانها لا تغامر في أمر ربما لن تستفيد منه سياسياً أو مادياً، فكثير من الأصوات الباكستانية قالت إن المملكة قادرة على إقرار الأمن في اليمن دون مساعدة باكستانية. هكذا يتم التبرير وهكذا يتم شد الحبل وإرخاؤه، ثم إن إيران الجار القديم ربما استطاعت أن تقنع باكستان بأن المصالح المشتركة بينهما على المدى البعيد ستكون أكثر فعالية منها الآن. عندما تكون المواقف أشد تكون ردود الأفعال أكثر واقعية وصدقية، وحينما نتكلم نحن في الخليج عن أفضالنا على باكستان قديماً، فهذا لا يصب في مصلحتنا أبداً، فكسب الأمم يحتاج مفاوضين متمرسين. أعود لأقول إن مصلحة باكستان مع الخليج سياسياً واقتصادياً وأمنياً، ولكن غالباً ما خلف الكواليس يكون أكثر غرابة وأعجب مما هو ظاهر لنا. [email protected]